بعد أمطار الربيع التي شهدها المغرب مؤخراً، والتي جلبت معها بعض الأمل في تنقية الأجواء، عاد الحديث عن البنية التحتية إلى الواجهة. فقد تزامن هذا مع اضطرابات ملحوظة في بعض المدن الكبرى، حيث اجتاحت الأمطار الشوارع وتسبب بعضها في فوضى مرورية واضطراب الحياة اليومية. فهل أصبحنا معتادين على هذا الواقع؟ أم أن هناك أزمة مستمرة في التدبير المحلي للبنية التحتية؟
منذ سنوات، يعاني المغرب من مشكلة في تحسين البنية التحتية الأساسية، وفي كل مرة تتساقط فيها الأمطار، تظهر هشاشة بعض المناطق الحضرية. تتكرر الصور ذاتها: شوارع تغمرها المياه، وطرقات تتصدع، ومرافق عامة تكاد تكون غير صالحة للاستخدام. وبينما يبدي البعض تفهماً لهذه الظواهر الطبيعية الموسمية، يعتقد آخرون أن تأخر الإصلاحات قد فاقم من المشكلة.
لا شك أن الأمطار في المغرب يمكن أن تكون غزيرة في بعض الأحيان، خصوصاً في فصلي الشتاء والربيع. ولكن هل يعقل أن هذه الأمطار هي السبب الوحيد في هذا الفشل المستمر؟ الإجابة ستكون بالنفي، فالأسباب متشابكة ومعقدة. أزمة البنية التحتية ليست وليدة الأمطار الأخيرة فقط، بل هي نتاج سنوات من الإهمال وعدم التجديد المستمر للمرافق. إن كثيراً من المدن المغربية تشهد تزايداً في عدد السكان، مما يضغط على الخدمات العامة، بينما تظل بعض المخططات الحضرية قديمة ولا تستوعب هذا التزايد السكاني. المرافق القديمة تحتاج إلى إعادة تأهيل، والبنية التحتية لا تتواكب مع التحديثات الحضرية المطلوبة.
يجب أن يرتبط التخطيط الحضرّي بالواقع البيئي المتغير والمستقبل القريب. فبدلاً من انتظار كارثة أخرى لتذكيرنا بحجم المشكلة، كان من الأولى أن تساهم الحكومة والمحليات في تعزيز مشاريع البنية التحتية القادرة على مواجهة التغيرات المناخية.
أمطار الربيع قد تكون مجرد نقطة البداية لمواسم أخرى من الاضطراب، إذا استمرت أزمة البنية التحتية في المدن المغربية. الحل يكمن في تغيير جذري في السياسات الحضرية، والتي يجب أن تكون أكثر مرونة وقادرة على التأقلم مع احتياجات المواطنين ومطالب العصر.