عقوبات “فيفا” تهز أندية البطولة الاحترافية وتُعيد إلى الواجهة إشكالية التسيير المالي داخل الفرق المغربية، بعد أن وجدت ثمانية أندية من القسم الأول نفسها ممنوعة من تسجيل لاعبين جدد خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة على الأقل. هذه القرارات، الصادرة عن لجنة النزاعات التابعة للاتحاد الدولي لكرة القدم، تمثل إنذارًا واضحًا حول خطورة تراكم النزاعات والعجز عن الوفاء بالالتزامات التعاقدية.
في صدارة هذه الأندية نجد شباب المحمدية، الذي يواجه تسعة ملفات أدت إلى حرمانه من الانتدابات لثلاث فترات متتالية. رقم ثقيل يُبرز مدى استفحال الأزمة داخل النادي، ويطرح تساؤلات جدية حول الرؤية التدبيرية وطريقة التعامل مع عقود اللاعبين. فالفريق الذي لطالما قدّم نفسه كقوة صاعدة في الكرة الوطنية، يبدو اليوم غارقًا في مشاكل تُهدد استقراره وتوازنه الرياضي.
المشهد لا يختلف كثيرًا لدى أندية تاريخية مثل الرجاء الرياضي والمغرب الفاسي، واللذان صدرت في حقهما العقوبة ذاتها، رغم أن عدد الملفات أقل. الرجاء، الذي يعيش منذ فترة على وقع إعادة بناء إدارية وفنية، سيجد نفسه محرومًا من تعزيز تركيبته البشرية في ظرف دقيق، ما قد يؤثر سلبًا على مردوده المحلي والقاري. أما المغرب الفاسي، فهو بدوره يواصل مسارًا متقلبًا، تتداخل فيه الطموحات الكبيرة مع محدودية الإمكانيات والتعثرات في التسيير.
الوداد الرياضي، المغرب التطواني، وحسنية أكادير، رغم أن لكل منها ملفًا واحدًا فقط، إلا أن تأثير العقوبة يبقى كبيرًا. فهذه الفرق تعتمد على الانتدابات كجزء من استراتيجيتها الموسمية، والمنع من التعاقد لثلاث فترات متتالية يعني عمليًا الدخول في مرحلة تجميد فني، قد تكون كلفته عالية على مستوى النتائج والطموحات.
من جهته، يعيش الدفاع الحسني الجديدي أزمة مركبة، بعدما شمل المنع فريقه النسوي أيضًا، وهو ما يكشف عن مشاكل هيكلية تمتد إلى مختلف فروع النادي. تنوع الملفات وتعددها داخل نفس المؤسسة يُظهر خللًا بنيويًا يصعب تجاوزه بمجرد تسوية مالية ظرفية.
هذه العقوبات قد تُحدث ارتباكًا واسعًا داخل الأندية المعنية، التي تجد نفسها أمام معادلة معقدة: ضرورة تسوية الملفات العالقة في وقت ضيق، أو الدخول في الموسم المقبل وسط عجز تقني كبير. الوضع الحالي يطرح بحدة سؤال الحكامة داخل المنظومة الكروية، إذ لا يمكن تفسير هذا الكم من النزاعات فقط بندرة الموارد، بل لا بد من الإقرار بوجود اختلالات عميقة في التسيير والتخطيط.
المشهد يبعث على القلق، ليس فقط لما له من أثر مباشر على مردودية الفرق، بل لأنه يعكس أزمة هيكلية أوسع داخل كرة القدم المغربية. وإذا لم تبادر الأندية إلى إصلاح جذري لطريقة تدبيرها، فإن الموسم المقبل قد يشهد المزيد من التداعيات، وربما انهيارات رياضية تضعف من تنافسية البطولة وتضر بصورة الكرة الوطنية على الصعيدين القاري والدولي.