إلى الشوباني: تافيلالت أكبر منك.. وفوز نوغو أفقدك صوابك

0

السيد الشوباني؛ على إثر الإعلان عن نتائج الانتخابات الجزئية الأخيرة التي جرت أطوارها يوم الخميس 07 يناير 2021، بإقليم الرشيدية، والتي أفرزت فوز السيد حميد نوغو بالمقعد البرلماني المتبارى بشأنه، ذلك التمرين الانتخابي الذي لم يكن يخامركم أدنى شك بأنكم ستكونون الفائزين به، ووافقكم الكثيرون الرأي؛ أثير نقاش طويل وعريض ومرير، لا فقط على المستوى المحلي والجهوي ،بل تعداه إلى نظيرهما الوطني؛ فعبر جميع المتتبعين عن مواقفهم، مستحضرين ترسانة من الحجج والبراهين لتبرير مواقفهم، كل من موقعه؛ لكن بشكل غلب عليه الانضباط للمنطق الرصين والحيادي والعادل والنزيه. وقد أدليتم بموقفكم عبر مقال، قلتم بأنه ستليه مقالات أخرى في نفس السياق والموضوع؛ إلا أنكم خالفتم الإجماع والجميع.

السيد الشوباني؛ لا أخفيكم مدى استغرابي وما رافقه من إحباط، وأنا أقرأ مقالتكم -وأنتم “القيادي” بالحزب “الإسلامي”، وبالحركة “الدعوية”، و”الوزير السابق”، و”الرئيس الحالي للجهة” (درعة تافيلالت)- التي عبرتم من خلالها عن رأيكم وتحليلكم لنتائج هذا التمرين الانتخابي، والذي أوصلكم –حسب زعمكم- إلى ثلاث خلاصات؛ لعل أهمها وأخطرها تمثل فيما نعتتموه بالعروض السياسية المتباينة، شكلا ومضمونا، المطروحة على “المجتمع الرشيدي”، والتي حددتموها في: “عرض سياسي” نسبتموه لحزبكم، و”عرض قبلي” مثله مرشح آيت خباش برمز الوردة (حسب وصفكم)، و”عرض الأعيان” مثله مرشح الأحرار، المدعوم من طرف أعيان جميع الأحزاب (حسب زعمكم).

السيد الشوباني؛ إن خلاصتك هذه لا تقتصر خطورتها على تشويه سمعة لحمة المجتمع الفيلالي وتماسكه، بل إن أذاها يمس بسمعة الوطن، وطن المؤسسات الدستورية والديموقراطية. إن ادعاءك هذا ينم عن “جهل” كبير ومفرط بتاريخ رقعة جغرافية من وطن كبير، لها سجل مجيد على درب التماسك الاجتماعي، مكنها من أن تكون السباقة لحمل السلاح في وجه المحتل الغاصب، وآخر من وضعته في وجهه، ولولا تماسكها واندماجها لما سجلت تلك الملحمات؛ وقد أصاب العالم المختار السوسي أثناء تدوينه لبطولاتها، خاتما كلامه بقوله: “وما تافيلالت إلا بركات على بركات”.

- الحدث بريس-

- الحدث بريس-

- الحدث بريس-

السيد الشوباني؛ إن إضفاء صفة السياسي على حزبكم، ونعت خصمكم السياسي بالقبلي، فيه كثير من الحيف والتحقير، أليس السيد نوغو واحدا ممن أنجبته هذه المنطقة؟ أليس له الحق كإنسان وكمواطن يتمتع بكافة حقوقه الدستورية، أن يختار أية هيئة سياسية وطنية للانضمام إليها، خصوصا وأن الهيئة التي مثلها نابعة من الحركة الوطنية؟ هل عدم الانضمام إلى حزبكم يعني فقدان الشرعية السياسية؟ أي منطق هذا، ونحن في القرن 21؟ ومتى كان الانتماء للقبيلة أمرا مشينا؟ وكم كان حكمكم قاسيا جدا عندما استكثرتم عليه انتماءه لهيئته السياسية (حزب الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية)، فجردتموه منه، وحصرتموه في القبيلة التي ينتمي إليها (آيت خباش). وهنا أسائلكم، هل تلك الأصوات التي حصل عليها مرشح حزب الوردة، والتي مكنته من دحركم بها، اقتصرت فقط على المنطقة التي توجد بها القبيلة المعنية؟ ولنقبل ذلك على مضض، ونتساءل: كيف لابن قبيلة أن يتجاوز ويهزم سياسيا حزبكم الذي لطالما رددتم على مسامعنا بأنه حزب مؤسسات، وأن شعبيته تزعج الخصوم؟ أليست هذه إدانة في حق تنظيمكم؟ وحتى لو افترضنا جدلا أن السيد نوغو استند إلى العنصر القبلي من بين ما استند عليه، فهو بذلك ارتكز إلى انتماء خاص به؛ في حين أنكم تحتكرون المشترك (الدين)، وتوظفونه في الدعاية لهيئتكم السياسية، والذي هو ملك لكل المغاربة، بل لكل المسلمين.

السيد الشوباني؛ إن نعتكم لخصمكم السياسي الآخر ب”مرشح الأعيان”، فيه الكثير من التجني والتهور الأخلاقي، وهنا – وبكل هدوء- أسائلكم عن السند الذي ارتكزتم عليه لإصدار هكذا حكم؟ أليسوا هؤلاء والذين نعتهم ظلما بصفة “الأعيان” في صيغتها السلبية، والذين هم في الحقيقة رجال أعمال، أثبتوا على الأقل نجاحهم في مشاريعهم الشخصية، ولهم من الدراية والتجربة ما جعلهم قادرين على تسيير وتدبير الشأن العام، وهو الأمر المعتاد والمشهور بأعتى الديموقراطيات. ثم إن إضفاء الصفة التي أشرتم إليها على جميع أعضاء هذه الهيئة السياسية فيه تشويه لواقع معيش، وكأن حزبكم لا يضم هذا الصنف من المواطنين، ومتى كان حزب معين حكرا على فئة معينة؟ وما هو سندكم الدستوري؟ ثم أين كان نعتكم هذا عندما تحالفت مع فصيل منهم أثناء انتخاب مكتب مجلس الجهة التي تتسنمون رئاسته، فهذا الفريق هو من رجح كفتكم ضد مرشح حزب الاستقلال (المنبثق عن الحركة الوطنية)، فما الذي تغير؟؟

السيد الشوباني؛ إن الأسباب التي جعلت السيد حميد نوغو يهزمكم في جهة تعتبرونها زورا بأنها معقلكم، تتوزع إلى أسباب مرتبطة بهيئتكم السياسية على المستوى الوطني، وبالأخص إبان تدبيرها للشأن العام، وسقوطها السياسي عند اتخاذها لمجموعة من القرارات القاسية وخاصة في شقها الاجتماعي (التقاعد، والتعاقد، ومخرجات المقاصة،…)، بالإضافة إلى سقوطها الأخلاقي وأنتم الذين لطالما تدعون الطهرانية. أما على المستوى الجهوي، فقد كان شغلكم وهمكم هو إشعال صراعات سياسوية ضيقة ومقيتة، أدت إلى شل وإعاقة المسيرة التنموية التي كانت الساكنة تنتظرها لأمد طويل. ودون أن أنسى تذكيركم بما قمتم به من تشتيت وبث للفرقة داخل صفوف حزبكم على مستوى الجهة، وبالأخص على مستوى مدينة الريصاني في إطار مقايضاتك مع الفريق المذكور من حزب الأحرار للظفر برئاسة الجهة، مما خلق حالة من التذمر والتمرد داخل حزبكم، مما أثر بشكل واضح وتردد صداه خلال “وقعة نوغو”.

السيد الشوباني؛ إن السيد حميد نوغو ليس شخصا في حد ذاته، بل هو ظاهرة سيكون لها ما بعدها على المستوى الجهوي، وعلى صعيد الوطن ككل. إن “الظاهرة النوغوية” هي نتاج لتدبيركم غير الموفق، وهي القادمة بنفس تغييري، حالمة بمشروع تنموي، وحاملة لهم الهامش المنسي، الصحراوي الشبابي، الغيور على بلدته ووطنه؛ ومستبطنة لمشروع حداثي غير عرقي أو قبلي أو إثني..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.