على بعد أشهر قليلة من إجراء الانتخابات بدأ الخلاف يشتد بين التكنوقراط وبعض الاحزاب السياسية حيث توالت الانتقادات بين هذا الطرف وذاك.
فالتكنوقراطي شكيب بن موسى سبق وأشار في تقرير لجنة النموذج التنموي إلى فقدان الثقة في الأحزاب السياسية. أما والي بنك المغرب فإن الندوة الصحفية التي عقدها لم تخل بدورها من عبارات الانتقاد -أحزاب الزعتر والباكور -. حيث أثارت تصريحاته جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، داعيا إلى محاسبة الاحزاب السياسية على وعودها الكاذبة.
وضع نتج عنه فقدان الثقة، الشيء الذي أدى إلى توسيع قاعدة العزوف السياسي. ومن جهة أخرى قال الوزير السابق عن حزب العدالة والتنمية نجيب بوليف أن تصريحات الجواهري تستوجب الاعتذار. كما هاجم الطالبي العلمي بشدة ورود عبارة في تقرير لجنة النموذج التنموي محذرا من عودة التكنوقراط من جديد لتسيير الحكومة. على اعتبار أن دستور 2011 قد حسم في منصب رئاسة الحكومة الذي يجب أن يكون من الحزب الفائز بالانتخابات. وبين انتقادات بوليف والعلمي فإن الشارع المغربي قد دافع بقوة عن تصريحات والي بنك المغرب محملا حزب المصباح مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي والسياسي بالبلد لمدة ولايتين كاملتين.
عبد اللطيف الجواهري
لنعد إلى أحد خطابات الملك، أو عندما استثنى وقال أن المغرب له نساؤه ورجاله الصادقون كان يتكلم عن الجواهري وغيره ممن خدموا الوطن بإخلاص. ولم يستغلوا مناصبهم لجمع المال والثروة، ومن لم يعرف الجواهري فهو رجل من طينة الرجال الكبار. تقلد مناصب مهمة بالدولة المغربية، حيث ترأس المجموعة المهنية لأبناك المغرب. وكان على رأس المحاكم التجارية سنة 1996 ليحظى بثقة الملك ويعين على رأس الصندوق المغربي للتقاعد كمدير عام سنة 2002. ثم واليا على بنك المغرب سنة 2003 إلى اليوم.
رجل نظيف لم يصدر في حقه اتهام من المجلس الأعلى للحسابات. ولا صدر في حق مؤسسته تقرير لجن تقصي برلمانية أو تقارير مجلة فوريس. رجل لم يقل سوى ما يحصل من اتهامات ثقيلة سبق للملك أن وجهها لها رسميا في أكثر من مناسبة. منتقدا أداءها السياسي حيث لم تستطع تجديد نخبها ولم تكترث لما قاله الملك، بل لا زالت مصرة على رهن المغرب للخمس سنوات المقبلة بتزكيتها لنفس الوجوه والأسماء التي احتلت الحكومة والبرلمان. واحتكرت المشهد السياسي لعشرات السنين والنتيجة فشل ذريع وتراجع في الأداء السياسي.
تصريحات والي بنك المغرب
ما ذهب إليه والي بنك المغرب هو أبعد من تصريحات في حق الأحزاب السياسية. فالرجل له دراية كبيرة بحجم المسؤولية التي يتقلدها ما يجعله متخوفا على الوطن.
وضع سيزكيه تقرير شكيب بن موسى الذي وضع الأصبع على الداء. وكشف عن مكامن الخلل في السياسات التنموية بالمغرب وفشل النخب السياسية في تحقيق التنمية. فإذا كانوا لا يريدون القيام بعملهم يتساءل الملك فلماذا يتوجهون للعمل السياسي.
الرسالة واضحة لهؤلاء ويزيد، لكل هؤلاء أقول كفى واتقوا الله في وطنكم. هكذا يكون الملك قد نبه وحذر الطبقة السياسية من حالة الركود وضعف الأداء السياسي. فالملك طبقا للدستور لن يفرض على الأحزاب تشبيب وتجديد النخب السياسية. ولا أن يجبرها على إبعاد المفسدين، وفي المقابل فإن نفس الدستور يمنح للملك صلاحيات حل البرلمان المقبل إذا ما بقيت الأمور على حالها.