الحدث بريس – متابعة
خطت التلميذة لينا فوز، خطوتها الأولى نحو التعريف بإبداعها على المستوى الدولي. وتحقيق جزء من أحلام طفولتها في بعث رسائل معرفية للعالم. وذلك بفوزها بجائزة القصة القصيرة 2020 لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو).
فقد ركبت لينا فوز، وهي من مواليد 2005 وتدرس في مستوى جدع مشترك آداب بثانوية تافيلالت التأهيلية بالرشيدية، موج المغامرة من أجل التباري في حلبة الإبداع الذي ترغب في أن يعبر الحدود ليصل إلى أوسع نطاق.
بداية اهتمامها بالتثقيف الذاتي أتت من البيت. حيث تعيش على إيقاع متسارع في التنافس مع أختيها في القراءة وحفظ الكلام الجامع وتعلم اللغة العربية التي ألهمتها كتابة قصص من وحي واقع تفكر في كيفية إصلاحه ببعد نظر. لأن القصة لها وقعها الإيجابي على المتلقي.
وتؤكد والدتها سعيدة بوطاهر، وهي أستاذة بالتعليم الثانوي. أنه تم بذل جهد كبير. و”اغتنمنا فرصة الحجر الصحي للاستثمار في الأزمة العالمية بمعناها الإيجابي. فكان أن تحقق هذا الأمل والحلم، وهو مشاركة ابنتنا في هذه المسابقة العالمية باعتبارها هاوية للقصة عاشقة للرسم، تكتب بالألوان، لقد لفتت انتباهي” إلى إبداعها.
إنه استثمار في فترة الحجر الصحي، مثلما قال لحسن بوتنفيت، والد لينا فوز، الذي اعتبرها فرصة لتكثيف القراءة والكتابة والإبداع والنبش بين رفوف المكتبات وبين ثنايا المجلدات. ليتم بعد شهور “جني ثمار مجهودات كبيرة بجائزة عالمية في القصة القصيرة نظمتها منظمة الإيسيكو ذائعة الصيت”.
هذا الفوز لم يكن اعتباطيا، بل بني على نظرة أخرى للاحتضان الأسري. يؤسس لمقاربة جديدة في التربية تستند على تشجيع الإبداع، لهذا دعت سعيدة بوطاهر الأمهات إلى أن “لا تتوقف أدوارهن على الرعاية البيتية. بل تتجاوزها إلى الرعاية النفسية والتربوية التي تساعد الأطفال على العطاء. لأن الإبداع هو نبض الحياة وإنتاج الأسرة موجه للوطن وللجميع”.
الفوز شكل بالنسبة للوالدين وأخيتي لينا فوز لحظة جميلة. لأنها نتيجة “غرس حب الكتاب وسبر أغواره، وهي عملية ليست سهلة وينبغي أن تنمو مع الأطفال منذ الصغر”، مثلما قالت سعيدة بوطاهر.
ونمت فكرة القراءة والكتابة لدى لينا فوز منذ أن بدأت تخط أولى حروفها. وأصبحت طقسا يوميا نابعا من ولع بتلقي المعرفة من منبعها الأصلي، في تجل واضح وتأثر بمحيط مثقف.
وقالت لينا فوز إن من أهم دوافع اختيار القصة القصيرة “أني ولهانة بالكتابة وتربيت في أسرة مثقفة، فأمي شغوفة بالكتابة، وأبي رائد في مجال القانون والسياسة. ولديهما مجموعة من التراكمات في أنشطة المجتمع المدني، وقد استقيت منهما هذا الشغف، وهما منبعي الذي أثر في بشكل إيجابي”.
ولم تكن كتابة القصة القصيرة التي شاركت بها في هذه المسابقة الدولية من أجل الحكي، بل بغية بعث رسائل لأقرانها بلغة سهلة ودون تكلف. وهو ما تؤكده بقولها إن قصتها الفائزة “أرست مجموعة من القيم. مثل بر الوالدين والصدق والإخلاص والتواضع. وأن الماديات ليست سوى وسيلة للعيش وليست رمزا للسعادة والفرح”.
وجسدت هذه القيم، تقول لينا فوز، من خلال تقديم قصة “عن رجل كان من الأثرياء. وتعرض لخيبات متتالية بسبب أسرته وأبنائه، لكنه بصدقه وتواضعه عانق الفرحة لما عثر على ابنته المفقودة”.
وأضافت أن هذا الفوز يشجعها بشكل كبير لتخطو في مسار الكتابة الأدبية باللغة العربية ونظم الشعر “إنه حافز كبير يقوي معارفي ويزيد من ثقتي بنفسي”. خاصة أن المشاركة في المسابقة جاءت بعد كتابة قصة قصيرة في فترة الحجر الصحي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
والهدف من كل ذلك، حسب لينا فوز، هو أن “أبين للعالم أن لدي موهبة في الكتابة، وقادرة على التأثير في المجتمع بشكل إيجابي وإيصال فكرة أن الكتابة وعد روحي بالتسامي”. مضيفة أنها تعتزم الاستمرار في نفس الطريق بالتعمق في مجال اللغة العربية والترجمة وعلم النفس، وتأليف الروايات والمجموعات القصصية.
وقالت إن “قراءة الكتب جزء كبير وضروري في حياتي. إذ لا يمر يوم إلا وطالعت كتابا. وقد جعلتها من الأساسيات كالأكل والشرب. لكونها تمنح تراكمات معرفية وتساعد على الكتابة وامتلاك فكر نقدي بناء ودعائم أساسية في الحياة”.
وبمناسبة هذا الفوز، سارعت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة درعة تافيلالت لتنظيم حفل تكريم للتلميذة لينا فوز بحضور فعاليات تربوية بإقليم الرشيدية. ليشكل لحظة تألق واسترجاع لذكريات القراء والكتابة ومخاض المشاركة في مسابقة دولية مرموقة. وللتعبير عن الفرح بجائزة تشجعها على المضي قدما في تحقيق طموحاتها المعرفية والثقافية.
وفازت التلميذة لينا فوز بوتنفيت بالجائزة الأولى في مسابقة القصة القصيرة 2020 لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو). متبوعة بحور بنت خالد النبهانية، من سلطنة عمان، وهيفاء سعد المطيري، من المملكة العربية السعودية.