توصلت جريدة الحدث بريس بتقرير صادر عن اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر، عقب الجمع العام المنعقد يوم 15 يوليوز 2025. وقد ناقشت اللجنة، بشكل موسع، عدداً من الملفات الأساسية المرتبطة بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة من خلال مشاريع القوانين 26.25 و27.25 و89.13، التي تروم تطوير البنية القانونية والمؤسساتية للقطاع. وأكدت اللجنة أن من بين أبرز أهدافها إجراء تقييم شامل للوضعية الحالية للقطاع، واقتراح التدابير اللازمة لترسيخ أسس تنظيمية ومهنية متينة تمكّن الصحافة المغربية من مواكبة التحولات الإعلامية والتكنولوجية المتسارعة.
وشخّصت اللجنة وضعية المقاولة الصحافية المغربية، خاصة الرقمية منها، وخلصت إلى أنها تعاني من هشاشة بنيوية وضعف الموارد المالية وغياب آفاق الاستثمار وضمانات التمويل، مما يؤثر سلباً على جودة المنتوج الإعلامي واستمرارية المقاولات. ودعت اللجنة إلى تعديل الإطار القانوني، بما يفرض على المستثمرين في القطاع توفير الحد الأدنى من الشروط المالية والمهنية لضمان استقرار المؤسسات الإعلامية وتحسين جودة المحتوى.
كما أولت اللجنة أهمية خاصة لمسألة منح البطاقة المهنية، مشددة على ضرورة توفّر مديري النشر ورؤساء التحرير على كفاءات أكاديمية ومهنية واضحة، مع تعزيز برامج التكوين المستمر للرفع من أداء الجسم الصحافي. وفي سياق متصل، تطرقت اللجنة إلى القصور الذي تعرفه منظومة التكوين الصحافي، سواء من حيث ضعف البنيات التحتية أو تخلف المقررات والبرامج الدراسية، واقترحت إصلاحاً جذرياً يستحضر التطورات الرقمية ويوفر تكويناً مهنياً حديثاً.
وفي ما يتعلق بأخلاقيات المهنة، دعت اللجنة إلى تبسيط مساطر معالجة الشكايات المرتبطة بخرق الضوابط الأخلاقية وتحديث نظام التأديب والتحكيم، مع تعزيز آليات الوساطة المهنية، وملاءمة المنظومة القانونية بما يضمن للمجلس الوطني للصحافة ممارسة صلاحياته التأديبية باستقلالية وفعالية. كما قامت اللجنة بالاطلاع على تجارب 38 دولة في هذا المجال، وخلصت إلى أن إشراك المهنيين وممثلي المجتمع المدني هو السبيل لضمان استقلالية المجالس المهنية ونجاعة عملها.
وفي الجانب الاجتماعي، اقترحت اللجنة إحداث مؤسسة وطنية للأعمال الاجتماعية لفائدة الصحافيين والعاملين في قطاع الإعلام، معتبرة أن توفير خدمات اجتماعية أساسية يعد ضرورة مُلحّة لمواكبة الإصلاح المالي والمهني للقطاع. واعتبرت اللجنة أن إصلاح الصحافة لا ينبغي أن يقتصر على إعادة هيكلة المجلس الوطني، بل يجب أن يشمل أيضاً المقاولات الإعلامية، وتكوين الصحافيين، وتأهيل سوق الإشهار، وتحديث القوانين المهنية لمواكبة التحولات الرقمية والتكنولوجية، من خلال اعتماد سياسات عمومية مندمجة تخلق بيئة استثمارية واضحة ومحفزة.
وأشارت اللجنة إلى أن مشاريع القوانين الثلاثة المعروضة حالياً على أنظار البرلمان تهم بالأساس إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة، لكنها تظل خطوة جزئية ضمن تصور أشمل لإصلاح القطاع الإعلامي. وخلصت اللجنة إلى أن الإصلاح الحقيقي للصحافة المغربية يمر عبر صناعة إعلامية ترتكز على أخلاقيات المهنة، وتحترم كرامة المواطن، وتقدم محتوى إعلامياً مسؤولاً ومواكباً للمعايير الدولية، بما يعكس دينامية التحولات الوطنية ويلبي تطلعات المجتمع.