تمكّن المغرب من اعتلاء صدارة الدول الإفريقية في استضافة مراكز البيانات، متجاوزاً جنوب إفريقيا، وذلك وفقاً لما كشفه تقرير حديث صادر عن مجلة Global Finance Magazine الأمريكية، والذي أشار إلى أن المملكة تستضيف حالياً 23 مركز بيانات نشطاً، ما يعكس تطوراً ملموساً في البنية التحتية الرقمية على المستوى الوطني.
ويعزى هذا التقدم إلى استراتيجية رقمية شاملة أطلقتها وكالة التنمية الرقمية منذ عام 2020، تستهدف تعزيز التحول الرقمي وخلق بيئة استثمارية محفزة في قطاع التكنولوجيا. وقد ساهمت حزمة من التدابير، من بينها الامتيازات الضريبية والإعفاءات المنصوص عليها في الميثاق الوطني للاستثمار، إلى جانب إصدار قانون يُلزم الشركات بتخزين البيانات ذات الطابع الحساس داخل التراب الوطني، في تسريع وتيرة توطين البيانات ودفع الاستثمارات نحو هذا القطاع الحيوي.
تُظهر معطيات التقرير أن القطاع يضم فاعلين كباراً من شركات الاتصالات مثل “ماروك تيليكوم” و”إنوي”، بالإضافة إلى شركات متخصصة أبرزها “مداسيس” و”N+ONE”. كما أن المؤسسات البنكية الكبرى تمتلك مراكز بيانات خاصة بها، بينما تلجأ المؤسسات المالية الأصغر إلى تأجير خدمات التخزين السحابي من مزودين محليين.
وعلى مستوى التوزيع الجغرافي، تبرز منطقتا الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة كمحورين رئيسيين لهذا النمو، بفضل توفر بنية تحتية قوية واستقرار في إمدادات الطاقة. في المقابل، بدأت مناطق أخرى مثل تطوان في دخول المشهد، بدعم من استثمارات دولية ضخمة، من أبرزها مشروع أمريكي بقيمة 500 مليون دولار لإنشاء مركز بيانات حديث.
وفي تصريح لها، أوضحت الدوحة عمور، نائبة رئيس تطوير الأعمال الدولية بشركة N+ONE Datacenters، أن اختيار مواقع إنشاء مراكز البيانات يتم وفق معايير دقيقة تشمل القرب من المراكز الاقتصادية، توفر بنية تحتية متطورة، وضمان استدامة العمليات على المدى الطويل، وهي عوامل تؤثر مباشرة في توجيه الاستثمارات نحو مناطق بعينها داخل المملكة.
وأشار التقرير كذلك إلى أن الدينامية الرقمية في المغرب لا تقتصر فقط على إنشاء مراكز البيانات، بل تمتد إلى قطاعات متقدمة مثل التكنولوجيا المالية والذكاء الاصطناعي، وتدعمها مبادرات حكومية كبرى مثل برنامج “المغرب الرقمي 2030” الذي تم الإعلان عنه خلال الدورة الأخيرة من معرض Gitex Africa 2025 بمراكش، والذي عرف مشاركة عالمية واسعة تجاوزت 130 دولة و45000 زائر.
وختمت المجلة الأمريكية تقريرها بالتنويه إلى أن البيانات أصبحت مورداً أساسياً في الاقتصاد الرقمي، لا يقل أهمية عن الطاقة أو الموارد الطبيعية، مع خصوصية فريدة تكمن في قابليتها المستمرة للنمو، ما يجعل من خدمات تخزين ومعالجة البيانات مجالاً استراتيجياً للاستثمار طويل الأمد في المغرب وإفريقيا عموماً.