“مقترح جريء لإنقاذ التطبيع مع السعودية”، بهذا العنوان نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية، تقريرا مثيرا لعلامات الإستفهام، حول محاولات تل أبيب للتطبيع مع السعودية.
و زعم مصدر سياسي رفيع المستوى لـ”معاريف” أن “علاقات القوة الدقيقة في المنطقة يمكن أن تسمح الآن بإستخدام الضغط الدبلوماسي و الإستراتيجي، مع إستغلال إنتهاك مصر غير الرسمي لإتفاقية السلام في سيناء كوسيلة للضغط على السعودية للتطبيع مع إسرائيل و تعزيز السلام البارد بين القاهرة و تل أبيب”.
و قال بيليد اربالي، الذي أعد التقرير بالصحيفة العبرية، أنه بينما لا يزال الشرق الأوسط يواجه صراعات و توترات مستمرة، فإن هناك حديثا صحفيا أجريته مع مصدر سياسي إسرائيلي مثير للإهتمام، قدم لي إقتراحا جديدا و جريئا لتعزيز التطبيع بين إسرائيل و المملكة العربية السعودية.
و أضاف اربالي أنه من المحتمل أن يثير الإقتراح الذي قدمه المصدر – لم يذكر إسمه – نقاشا بين الخبراء في المنطقة، حيث يستند إقتراحه إلى إستغلال معقد لعلاقات القوة في المنطقة، مع التركيز بشكل خاص على دور المملكة العربية السعودية.
و أوضح أن النهج الجديد الذي يقترحه لتحقيق التطبيع بين إسرائيل و السعودية يعتمد على الضغط الدبلوماسي و الإستراتيجي، مع إستغلال إنتهاك مصر غير الرسمي لإتفاق السلام في سيناء، كوسيلة للضغط على مصر و السعودية، و أن الهدف هو خلق وضع “مربح للجانبين” يؤدي إلى التطبيع مع المملكة العربية السعودية و تعزيز السلام مع مصر.
و بحسب المصدر نفسه، فإن “السعودية، تسير بين عمالقة الدول الذين يقاتلون بعضهم البعض”.
و يشير على وجه التحديد إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي وقع بالفعل إتفاق تطبيع مع إيران “لأنه كان خائفا من تهديدات طهران المسلحة في الخليج”، و أنه من المهم الإشارة إلى أن بن سلمان قاد برنامجا إصلاحيا واسع النطاق يسمى “رؤية 2030″، يهدف إلى تنويع الإقتصاد السعودي و تقليل الإعتماد على النفط، و التطبيع مع إسرائيل.
علاوة على ذلك، في ظل حكم بن سلمان، شهدت المملكة العربية السعودية تغييرات إجتماعية كبيرة، بما في ذلك منح المرأة الحق في قيادة السيارة و تخفيف قوانين الإحتشام، و تشير هذه التغييرات إلى الإستعداد للإصلاحات، و لكنها تسلط الضوء أيضًا على التعقيد الداخلي الذي تواجهه المملكة، بالإضافة لذلك فأن العلاقات بين السعودية و الولايات المتحدة لا تزال إستراتيجية، و قد ثبت بالفعل أن تحسين العلاقة مع بلاد “العم سام” هو دافع قد يؤثر على إستعداد السعودية لـ النظر في التطبيع مع إسرائيل.
و حسب المصدر الإسرائيلي فإنه على هذه الخلفية، يتضمن الإقتراح الجديد عدة خطوات معقدة، منها أنه يدعو إسرائيل إلى إستخدام الورقة المصرية و توجيه إنذار نهائي لمصر : المساعدة في إنشاء ترتيب سياسي أمني مستدام لإسرائيل في غزة، أو ستسمح للمبعوثين السعوديين بالقيام بذلك، و إلا فإن مصر ستعاني من عقوبات أمريكية خانقة، على خلفية الإنتهاك العسكري لإتفاقية السلام في سيناء.
و صرح الدكتور يارون فريدمان الخبير العسكري الإسرائيلي، أنه “بإسم “الحرب على الإرهاب”، جلب الجيش المصري آلاف الجنود و مئات من ناقلات الجنود المدرعة و الدبابات إلى شبه الجزيرة”.
و قالت معاريف أن صور الأقمار الصناعية كشفت أن مصر أرسلت أيضا قوات جوية و أنشأت قواعد طائرات، و هي خطوة تتناقض تمامًا مع إتفاقيات السلام.
و كتب الدكتور فريدمان أيضا أن “التهديدات الرسمية المصرية بقطع العلاقات مع إسرائيل لا يتم ذكرها إلا في وسائل الإعلام العربية لسبب ما خارج مصر، و في الأخبار المنشورة في مصر نفسها تؤكد مصر على أهمية إتفاق السلام لتحقيق الأمن في المنطقة”.
فيما قال المقدم المتقاعد إيلي ديكل، ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق و الباحث في الشأن المصري لـ “معاريف” إنه لم يجد “أي تفسير في وسائل الإعلام بأن مصر قامت خلال العامين الماضيين بزيادة قواتها المدرعة بمقدار 700 دبابة”، و ذلك حتى بعد أن أعلنوا أنهم هزموا القوى الإسلامية المتطرفة في سيناء”.
و أشار المصدر إلى أن إقتراحه يتضمن أيضا الضغط على السعودية نفسها، حيث أوضح أن تنفيذ الإتفاق دون المخالفة المصرية الحالية، قد يؤدي إلى موجة هجرة من قطاع غزة و مصر إلى مدينة نيوم السعودية، و هو ما سيشكل ضغطاً للموافقة على المعادلة المقترحة.
و نيوم هو مشروع طموح لبناء مدينة كبرى جديدة في السعودية بمساحة 26.500 كيلومتر مربع، و من المقرر بناء المدينة في جنوب خليج إيلات، في منطقة مضيق تيران، في أراضي المملكة العربية السعودية و من المتوقع أن يتم ربطه بشبه جزيرة سيناء من خلال مشروع الجسر بين مصر و المملكة العربية السعودية ، كما أن المشروع جزء أساسي من رؤية الأمير محمد بن سلمان 2030 و أي تهديد للمشروع يمكن أن يشكل حساسية و خطورة بشكل خاص للمملكة السعودية.
و أضاف معد التقرير أن الإقتراح المقدم من المصدر الإسرائيلي يتضمن في المرحلة الثالثة، التحرك لإدخال إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم، في عملية التطبيع، حيث ستستخدم ورقة الوجود العسكري المصري في سيناء لحمل مصر على إقناع السعودية بالموافقة على التطبيع، كما أن التطبيع بين إسرائيل و الإمبراطورية الإسلامية، في إندونيسيا ستلتزم بموجبه إندونيسيا بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل و ستشارك في قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مناطق حدودية مع إسرائيل.