حذر يوسف الوردي، أستاذ باحث في قضايا التنمية بالواحات، من الوضع المقلق الذي تعرفه واحات دادس نتيجة الجفاف و ندرة الموارد المائية، مشيراً إلى أن المغرب، على غرار باقي دول العالم، و خاصة الأوروبية، يعاني من ظاهرة الجفاف المتفاقمة التي أصبحت دورية و متكررة بشكل أكثر حدة منذ ستينيات القرن الماضي.
و أوضح الوردي، في مداخلة له موسومة بـ”الجفاف و ندرة الموارد المائية بالواحات – دادس نموذجاً” خلال ندوة علمية بمنتدى المضايق و الواحات المنعقد بإقليم تنغير، أن المغرب شهد منذ سنة 1960 سنوات جفاف متتالية، حيث تقلصت دورة الجفاف من 20 سنة إلى 5 سنوات خلال الأربعين سنة الأخيرة، ما جعل الظاهرة أكثر تأثيراً على مختلف الأنظمة البيئية و الموارد الطبيعية.
و أضاف الباحث أن التساقطات الثلجية بدورها سجلت تراجعاً لافتاً، إذ انخفضت من مترين في أعالي جبال الأطلس سنة 1979 إلى 30 سنتيمترا فقط منذ سنة 2010، ما إنعكس سلباً على الموارد المائية، التي سجلت تراجعاً بـ 10 أمتار، في وقت اختفت فيه بعض الفرشات الباطنية، و إزدادت مظاهر التصحر، إلى جانب اجتياح الملوحة لعدد من الفرشات المائية الجوفية.
و بخصوص وضعية حوض درعة، أكد الوردي أنه يتميز بسيطرة السنوات الجافة بنسبة تصل إلى 53%، حيث تبقى الحصيلة المائية سلبية بالنظر إلى ضعف تعبئة الموارد المتاحة، و التي تصل إلى 1540 مليون متر مكعب، في حين لا يتم استغلال سوى 517 مليون متر مكعب منها.
أما على مستوى حوض دادس، فأشار الباحث إلى أن الحاجيات من الموارد المائية تقدر بـ 255 مليون متر مكعب، بينما لا يتم تعبئة سوى 185 مليون متر مكعب، ما يعني أن العجز المائي يبلغ 70 مليون متر مكعب، و هو ما يستدعي العمل على تعبئة الموارد بشكل أكثر فعالية.
و كشف الوردي أن حجم الموارد المائية، سواء السطحية أو الجوفية، يبلغ 553 مليون متر مكعب، إلا أن النظام الهيدرولوجي بدادس غير منتظم، إذ يرتفع تدفق المياه إلى 7 أمتار مكعبة في الثانية خلال بعض الفترات، و ينخفض إلى متر مكعب واحد فقط في أوقات أخرى، ما يفرض تدبير فترات الفائض لتعويض فترات العجز.
و عزا الوردي هذا التراجع في الموارد المائية إلى عوامل بشرية مرتبطة بالأنشطة الإقتصادية، خصوصاً الفلاحة و السياحة و الإستهلاك المنزلي، مبرزاً أن ساكنة دادس تستفيد من تغطية مائية تصل إلى 90%، إلى جانب عوامل طبيعية متمثلة في إرتفاع درجات الحرارة و إنخفاض التساقطات.
و بناء على توقعات مناخية مستقبلية، أوضح المتحدث أن المنطقة قد تعرف انخفاضاً في معدل التساقطات المطرية بنسبة تتراوح ما بين 10 و 40% خلال الفترة الممتدة بين 2036 و 2070، مقارنة بالفترة المرجعية 1961-1990، مشيراً أيضاً إلى أن الحرارة قد تشهد إرتفاعاً قد يتجاوز درجتين مئويتين بين سنتي 2036 و 2050.
و دعا الباحث إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة لتحسين الوضع، أبرزها تدبير العرض المائي، و الإهتمام بالبنيات التحتية كالسدود الكبرى و الصغرى، و إنشاء السدود التلية، و هيكلة المنشآت الموجودة مثل سد أوسكيس، مع محاربة التسربات المائية في شبكات التوزيع و تحسين مردودية شبكات نقل المياه المخصصة للسقي.
كما شدد الوردي على أهمية تحويل المياه بين المناطق في إطار التضامن المجالي، و إعادة تدوير و إستعمال المياه المستعملة، إضافة إلى تجميع مياه الأمطار ما أمكن و إستعمالها في الفلاحة، و تعزيز القدرات البشرية و التقنية في مجال المراقبة و التتبع و التوقع المناخي.
و أوصى أيضاً بالإستعداد المبكر للكوارث الطبيعية، و ربط التوقعات المناخية بإتخاذ القرار في القطاعات الحساسة، و تشجيع التدبير التشاركي للمياه المخصصة للفلاحة، و حماية الموارد المائية من جميع مصادر التلوث، و الإهتمام بالزراعات المستدامة المتلائمة مع ندرة المياه، إلى جانب تعزيز القدرة على التكيف مع حالات الندرة، و إنجاز بحوث علمية دقيقة حول النظام الهيدرولوجي بالمنطقة.