في ظل الارتفاع الصاروخي لأسعار المواد الغذائية، باتت قفة رمضان عبئًا ثقيلاً على الأسر المغربية. خصوصًا تلك التي تنتمي إلى الطبقتين الفقيرة والمتوسطة. ومع حلول الشهر الفضيل. تزداد معاناة المواطنين في مواجهة أسعار ملتهبة أثقلت كاهلهم، مما دفع العديد منهم إلى تقليص مشترياتهم والاكتفاء بالضروريات فقط.
ورغم أن رمضان يفترض أن يكون شهر الغفران والتضامن، إلا أنه تحول إلى موسم لجني الأرباح بالنسبة للوبيات الاحتكار وكبار التجار. الذين يستغلون تزايد الطلب لرفع الأسعار بشكل غير مبرر.
وبحسب بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، فإن تكلفة مائدة إفطار لأسرة من أربعة أفراد تتراوح بين 100 و300 درهم يوميًا، أي ما يعادل 3000 درهم شهريًا، وهي ميزانية مرهقة للأسر البسيطة، في حين تتجاوز 5000 درهم للأسر المتوسطة.
المضاربة ترفع الأسعار بشكل جنوني
تشير المعطيات إلى أن الفرق بين أسعار الجملة وأسعار التقسيط يصل إلى 6 دراهم في الكيلوغرام الواحد بالنسبة للخضر والفواكه. وهو ما يعكس حجم الأرباح التي يجنيها الوسطاء والمضاربون. ومع غياب مؤسسة رسمية تعنى بضبط السوق الداخلي، تتفاقم الفوضى، مما يتيح المجال للممارسات الاحتكارية التي تزيد من معاناة المستهلك المغربي.
أزمة اللحوم والدواجن تزيد الطين بلة
لم تسلم أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء من لهيب الغلاء، إذ يتراوح ثمن الكيلوغرام الواحد من الدجاج بين 17 و19 درهمًا. بينما تقفز أسعار اللحوم الحمراء إلى ما بين 90 و110 دراهم، في حين أن الأسماك تجاوزت حاجز 200 درهم للكيلوغرام في بعض الأسواق.
أما أسعار الخضر، فقد شهدت ارتفاعًا قياسيًا، حيث تراوح سعر الطماطم بين 12 و13 درهمًا، والجلبانة 12 درهمًا، والفلفل 10 دراهم. والبصل 6 دراهم، والبطاطس 5 دراهم، وهي أسعار تفوق بكثير ما كانت عليه قبل سنوات.
الاستهلاك المفرط وسوء التدبير
على الرغم من هذا الغلاء، فإن نسبة كبيرة من الأسر تستمر في الإنفاق المفرط خلال رمضان. حيث تشير الإحصائيات إلى أن نحو 25% من الطعام يُلقى في القمامة، مما يعكس سوء تدبير الموارد.
وفي هذا السياق، يؤكد الخراطي على ضرورة توعية المستهلكين بترشيد الاستهلاك والتحكم في ميزانياتهم.
الحكومة مطالبة بالتدخل العاجل
من جهته، شدد الخبير الاقتصادي محمد جدري على أن الحكومة مطالبة بتفعيل لجان المراقبة لمحاربة الاحتكار والتلاعب بالأسعار. داعيًا إلى تحسين منظومة التسويق وتفعيل الرقابة على الأسواق.
كما أوضح أن الضغط الكبير على المواد الغذائية مع ضعف العرض يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل حاد، مما يستوجب تدخلاً حكوميًا سريعًا لضبط السوق والحد من استغلال المواطنين.
قفة رمضان بين الضرورة والتقشف
في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، اضطرت العديد من الأسر إلى التخلي عن إعداد أطباق تقليدية مثل “السفوف” و”الشباكية”، بينما تلجأ أخرى إلى شراء قفة بسيطة لا تتجاوز قيمتها 50 درهمًا يوميًا، مما يعكس حجم الأزمة التي باتت تعيشها العديد من العائلات المغربية.
ويبقى السؤال مطروحًا: إلى متى ستظل قفة رمضان مرادفًا للمعاناة بالنسبة للمغاربة؟ وهل ستتحرك الجهات المسؤولة لوضع حد لهذا النزيف الذي يثقل كاهل الأسر في كل موسم رمضاني؟