أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن سنة 2025 تشكل محطة بارزة في خارطة الطريق المناخية للمغرب، إذ ستشهد إصدار النسخة الثالثة من المساهمة المحددة وطنيا (CDN 3.0)، في إطار التزامات المملكة بموجب اتفاق باريس للمناخ.
وأوضحت الوزيرة، خلال اجتماع اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية والتنوع البيولوجي، أن هذه النسخة الجديدة تعكس رؤية متجددة وشاملة تعتمد مقاربة تشاركية مندمجة، تشمل الإدارات الوزارية، المؤسسات العمومية، القطاع الخاص، المجتمع المدني، الجامعات، والسلطات المحلية، وهو ما يعكس انخراطاً جماعياً حقيقياً في مواجهة تحديات المناخ.
وشددت على أن إعداد الوثيقة جاء ثمرة عملية تشاور غير مسبوقة، شملت أزيد من 60 مشورة ثنائية، وسجّلت مشاركة نسائية متميزة بنسبة 51 في المئة، وأسفرت عن تحديد مشاريع كبرى تهم تخفيف الانبعاثات والتكيف مع التغيرات المناخية، بما يراعي الأولويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية الوطنية.
المساهمة المحددة وطنيا الجديدة تستهدف تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة بأكثر من 53 في المئة بحلول عام 2035، كما تتضمن أهدافا كمية دقيقة في مشاريع التكيف، مع التركيز على احترام مبادئ الانتقال العادل، المساواة بين الجنسين، والشمول الإقليمي، إضافة إلى تضمين محفظة تمويلية تضم أكثر من 190 مشروعا قابلا للتمويل، ومؤهلا للاستفادة من آليات المناخ المبتكرة ومقتضيات المادة 6 من اتفاق باريس.
وفي كلمتها، شددت الوزيرة على أن جهود مكافحة التغير المناخي لا تنفصل عن حماية التنوع البيولوجي، مبرزة التزام المغرب بمراجعة خطته الوطنية للتنوع البيولوجي لتتماشى مع الإطار العالمي “كونمينغ-مونتريال”، المصادق عليه خلال مؤتمر الأطراف (كوب 15)، والذي يهدف إلى حماية 30 في المئة من الأراضي والمحيطات في أفق 2030، واستعادة النظم البيئية المتدهورة، والحد من التلوث والاستغلال المفرط وتغير المناخ.
كما أكدت أن إدماج التنوع البيولوجي في السياسات القطاعية وخطط المناخ، وتعبئة الموارد المالية الوطنية والدولية، عنصران حاسمان لإنجاح هذا المسار، مشددة على ضرورة إشراك فئات الشباب، النساء، والفئات الهشة في مسلسل اتخاذ القرار لضمان عدالة انتقالية حقيقية.
وشكّل الاجتماع مناسبة لعرض نتائج الدورة الثانية والستين للهيئات الفرعية التابعة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (SB62) التي عقدت ببون في يونيو 2025، إلى جانب مناقشة خارطة الطريق القطاعية لإزالة الكربون، وحصيلة أنشطة اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية والتنوع البيولوجي خلال السنة المنصرمة، فضلا عن خطة عمل السنة المقبلة.
ويأتي إعداد النسخة الثالثة من المساهمة المحددة وطنيا في سياق التزام المملكة المستمر، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمواجهة التغيرات المناخية، حيث سبق أن قدّمت أول مساهمة وطنية سنة 2016 بهدف خفض الانبعاثات بنسبة 42 في المئة، قبل أن يتم تحيين الهدف سنة 2021 ليصل إلى 45.5 في المئة، في انسجام مع الأهداف المناخية العالمية. وتشكل النسخة الثالثة خطوة جديدة نحو تعزيز مكانة المغرب كفاعل ملتزم في قضايا البيئة والمناخ على الصعيدين الإقليمي والدولي.