أعلن مجلس المنافسة، اليوم الخميس، عن فتح تحقيق رسمي بشأن شبهات ممارسات منافية لقواعد المنافسة في سوق توريد السردين الصناعي، في خطوة ترمي إلى ضبط اختلالات مزمنة يُشتبه أنها أثّرت على حرية الأسعار وآليات السوق لأكثر من عقدين.
وأوضح بلاغ صادر عن المجلس أن القرار يأتي في إطار صلاحياته المنصوص عليها في الدستور، وفي القانونين رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة، ورقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة. ويستند هذا الإجراء إلى نتائج تحقيق أولي خلُص إلى وجود قرائن قوية على اتفاقات غير مشروعة بين عدد من الفاعلين في القطاع.
ووفق ذات المصدر، فإن هذه الاتفاقات بين المهنيين شملت “تحديد أسعار البيع الأول للسردين الصناعي”، ما أدى إلى تعطيل آلية العرض والطلب وخلق أسعار مصطنعة، سواء بالرفع أو الخفض.
كما شملت هذه الممارسات أيضًا “توافقات بشأن التوزيع وتقييد الإنتاج بطريقة منسقة”، الأمر الذي ساهم في الحد من ولوج فاعلين جدد إلى السوق، وعطل دينامية التنافس الحر بين المتدخلين في هذا القطاع الحيوي.
وقد قام المقرر العام لمجلس المنافسة، استنادًا إلى مقتضيات المادة 29 من القانون 104.12، بتبليغ مؤاخذات رسمية إلى 15 هيئة مهنية معنية، تمثل ثلاث فئات رئيسية: المجهزين البحريين، والوحدات الصناعية المتخصصة في تحويل وتثمين السمك الصناعي، وتجار السمك بالجملة الذين ينشطون في شراء المنتوجات البحرية عند البيع الأول.
ويُعد تبليغ المؤاخذات نقطة انطلاق للمسطرة الحضورية التي تتيح للأطراف المعنية ممارسة حقوق الدفاع، حيث سيتم الاستماع إليها ومناقشة الملاحظات المثارة في إطار يضمن التواجه واحترام الضمانات القانونية.
وشدد المجلس على أن هذه المؤاخذات لا تشكل حكمًا نهائيًا، بل تفتح المجال أمام المداولة والنقاش قبل اتخاذ القرار الحاسم في هذه النازلة، وذلك خلال جلسة رسمية يعقدها المجلس لاحقًا، بصفته الهيئة التداولية المخول لها البت في الملفات المعروضة عليه.
ويأتي هذا التحقيق في سياق متصاعد من الانتقادات التي تطال سلوكيات احتكارية مفترضة في بعض سلاسل الإنتاج، خاصة في القطاعات المرتبطة بالثروات البحرية، حيث تثار بين الفينة والأخرى تساؤلات حول تداخل المصالح وغياب الشفافية في تحديد الأسعار وحجم الإنتاج.