شهدت لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، نقاشًا موسعًا حول المقتضيات الزجرية الواردة في الباب التاسع من مشروع القانون المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، خاصة في ما يخص العقوبات التأديبية التي يمكن أن تُفرض على المهنيين في القطاع. وقد تركزت مداخلات النواب على توازن هذه الإجراءات مع مبادئ حرية التعبير والحق في الممارسة الإعلامية المستقلة.
وفي هذا السياق، أعربت النائبة البرلمانية نبيلة منيب عن رفضها لما اعتبرته “هيمنة الطابع الزجري” على المشروع، معتبرة أن انتشار الأخبار الزائفة لا يبرر اللجوء إلى عقوبات مشددة دون وجود آليات فعالة داخل المنابر الإعلامية للتحري والتدقيق.
ودعت منيب إلى حصر محاكمة الصحفيين في إطار قانون الصحافة والنشر فقط، دون الرجوع إلى نصوص قانونية أخرى، مشددة على ضرورة احترام حقهم في اختيار من يدافع عنهم قانونيًا.
وأضافت أن الصحافة قطاع هش يتعرض باستمرار لضغوط سياسية واقتصادية تدفع المهنيين إلى تغيير خطوطهم التحريرية من أجل الاستمرار في ظروف سوق صعبة.
من جهته، أوضح وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، أن العقوبات التأديبية كالتوقيف المؤقت لا تُعد استثناءً، بل هي ممارسة معمول بها في عدد من الهيئات المهنية الأخرى، وتأتي في إطار تدرج عقابي يراعي ضرورة الحفاظ على التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية المهنية.
وأكد أن الهدف من هذه المقتضيات ليس التضييق، وإنما إرساء قواعد مهنية واضحة تضمن احترام أخلاقيات العمل الصحفي وتساهم في تنظيم القطاع بشكل جاد ومسؤول.
وعن إشكالية الأخبار الزائفة، كشف الوزير أن الحكومة بصدد دراسة آليات جديدة لتدقيق المعلومات داخل المقاولات الصحفية، مستشهداً بنموذج وكالة المغرب العربي للأنباء التي تطبق نظاماً تحريرياً داخلياً صارماً يمر عبر مراحل متعددة من المراجعة والتدقيق.
ويهدف هذا النظام إلى تعزيز مصداقية المنتوج الصحفي الوطني، وتفادي الانزلاقات التي قد تضر بالمهنة ومصداقية الإعلام في نظر الرأي العام.
ويأتي هذا النقاش في ظل التحولات التي يعرفها المشهد الإعلامي المغربي، حيث تتعالى الأصوات المطالبة بإصلاحات تضمن حرية الصحافة مع الحفاظ على مهنية القطاع ومصداقيته، وسط تحديات متزايدة تفرضها سرعة تدفق الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي.