من مهرجان محلي إلى ملتقى وطني… ميدلت تجعل من التفاح رافعة للاستثمار والتنمية الجبلية

0

انطلقت صبيحة أمس الأربعاء 15 أكتوبر الجاري فعاليات النسخة الخامسة للملتقى الوطني للتفاح بمدينة ميدلت، الذي تحول من مهرجان محلي إلى ملتقى وطني، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وبإشراف من وزارة الفلاحة والصيد البحري، والتنمية القروية والمياه والغابات.

وستمتد فعاليات الملتقى الذي تنظمه جمعية الملتقى الوطني للتفاح بميدلت بشراكة مع عمالة الإقليم وبمساهمة عدد من الشركاء المحليين والجهويين والوطنيين، حتى 19 من شهر أكتوبر الجاري، في محطة تعكس التحول التدريجي لهذا التجمع من مهرجان محلي إلى ملتقى وطني يجمع الفاعلين من مختلف جهات المملكة.

ويضع الملتقى أمام المتدخلين، بطابعه العلمي والمهني، جدول أعمال واضحًا يتمثل في مناقشة السبل العملية للحفاظ على الإنتاجية ورفع القيمة المضافة للتفاح في سياق جغرافي جبلي يواجه تحديات بيئية متزايدة، متجاوزا بذلك الدور التقليدي المنحصر في عرض المنتوجات والاحتفاء بالتقاليد.

ويتصدر شعار الدورة الخامسة — التدبير المستدام للموارد المائية — النقاشات، إذ يمثل الماء حجر الزاوية في قدرة هذه السلاسل على الصمود والتطور.

وتُعد سلسلة التفاح في جهة درعة تافيلالت، على مستوى الواقع الاقتصادي والاجتماعي، ثاني أهم سلاسل الأشجار المثمرة من حيث الأهمية الاقتصادية في الجهة، إذ توفّر مدخولًا لآلاف الأسر وتدعم أنماط عيش تعتمد على الزراعة الجبلية الموسمية والدائمة. لذلك، يكتسي الملتقى أهمية عملية كونه مساحة لالتقاء الفلاحين والتعاونيات والمهنيين مع خبراء وباحثين وممثلي الإدارة العمومية، لتقاسم التجارب الناجحة واستلهام حلول قابلة للتطبيق محليًا.

ويركز برنامج الملتقى العلمي على مزيج من الندوات الفكرية والورشات التقنية والتكوينية. وستتطرق الجلسات إلى تقنيات الري الذكي، المحافظة على التربة، تنويع قنوات التسويق، وإدخال تقنيات التصنيع التحويلي لتحويل التفاح إلى منتجات ذات قيمة مضافة أعلى. كما ستعرض تجارب ميدانية لتعاونيات نجحت في تحسين جودة المنتج والوصول إلى أسواق إقليمية ووطنية، مع بحث سبل تقوية قدرات هذه التنظيمات لمواجهة متغيرات الأسواق.

وتشكل القضايا الاجتماعية، من جهة أخرى، جزءًا لا يتجزأ من محاور الملتقى؛ فالنساء القرويات العاملات في سلسلة التفاح يحملن دورًا محوريًا في مراحل الإنتاج والتثمين والتسويق. ولذلك سيتم تسليط الضوء على مبادرات لدعم مشاركة المرأة في القرار الفلاحي وتشجيع المشاريع الصغرى المرتبطة بالتثمين المحلي، بما يضمن توزيعًا أكثر عدالة للعائدات ومساهمة أوسع في التنمية المحلية.

ويتجاوز هدف المنظمين الجانب التقني والتكويني، إلى فتح قنوات للاستثمار وتشجيع شراكات بين القطاع العام والخاص، وإدماج سلسلة التفاح ضمن عقد برنامج الجيل الجديد (2021–2030) ويشكل إطارًا مؤسساتيًا يدعم هذه التوجهات من خلال سياسات تواكب تحديث سلاسل الإنتاج، والرفع من القيمة المضافة، وتعزيز تنافسية المنتج المغربي في أسواق أوسع.

وسيجمع الفضاء المعرضي المصاحب للملتقى أروقة للتعاونيات والمقاولات الفلاحية ومزودي التجهيزات والتقنيات الزراعية، إلى جانب منصات لتذوق المنتوج المحلي والتعرف على مشتقاته. كما ستتيح هذه التظاهرة الفرصة للشباب المقاول لتقديم مشاريعهم ومقترحاتهم لخلق نشاطات اقتصادية مدمجة مع سلسلة التفاح.

ويتيح الملتقى، إلى جانب ذلك، فرصة للتفكير في نموذج تنمية محلية يأخذ بعين الاعتبار خصوصية المجال الجبلي: إدارة عقلانية للموارد، تنمية بشرية عبر التكوين، وخلق روابط قيمة بين المنتج والمستهلك عبر علامات جودة وتثمين محليين. هذه مقاربة تنموية تجعل من التفاح محركًا للتنمية المجالية وتحسين ظروف عيش الأسر الريفية، وليس مجرد سلعة تباع وتشترى.

ويُنتظر أن تُشكل الدورة الخامسة من الملتقى الوطني للتفاح محطة متميزة لترسيخ مكانة ميدلت كعاصمة وطنية للتفاح، وفضاءً للتلاقي بين الفاعلين والمهنيين والباحثين المهتمين بالقطاع الفلاحي. كما يُرتقب أن تساهم في إبراز الإمكانيات الواعدة للمجال الجبلي المغربي، وفتح آفاق جديدة للاستثمار في سلاسل الإنتاج، عبر تشجيع المبادرات المحلية وتعزيز التعاون بين مختلف المتدخلين.

ويأمل المنظمون والفاعلون، في ختام هذه التظاهرة، أن تخرج التوصيات بمقترحات قابلة للتطبيق لتحديث الفلاحة الجبلية وتثمين المنتوج المحلي، بما يتماشى مع أهداف استراتيجية “الجيل الأخضر 2020–2030”، وينعكس إيجابًا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للإقليم والمناطق المجاورة.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد