واحات أوفوس بين مطرقة الحرائق المتتالية وسندان المصالح المختصة…
عبد الفتاح مصطفى /الحدث بريس.
الواحات المغربية بدأ وضعها يتفاقم سنة بعد أخرى، حيث تعاني من الجفاف، والتصحر، وانجراف التربة، والأمراض المزمنة (كالبيوض)، وعلى وجه الخصوص من الحرائق التي لا تبقي ولا تدر حيث لا تخلو فترة صيف من اطلاعنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي و وسائل الإعلام بأخبار و صور متفرقة عن حرائق الواحات بالمناطق الجنوبية للمغرب ومن بين أخر هذه الحرائق التي كان لها صدى واسعا، نذكر منها حريق واحة قصر البلاغمة (جماعة أوفوس- إقليم الرشيدية) خلال الصيف الماضي 2019 ، الذي لا زالت آثاره واضحة المعالم ، حتى فاجأتنا ذات المواقع يومي الأحد و الاثنين الماضيين 30و31 غشت 2020 ، بحريق مهول في ذات المنطقة يعني في جماعة أوفوس بواحة الكارة هذه المرة .
أمام هذا الوضع ، التي بدأت فيه ظاهرة حريق الواحات تتكرر بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة بالمقارنة مع العقود الأخيرة الذي يرجعه أهالي الواحات الى نمط الحياة الذي تغير عند إنسان الواحة ، بمعنى أن الساكنة فيما مضى كانت تعتمد على حطب النخيل كوسيلة للطهي ، وهو ما كان يخلص الواحة من أطنان كبيرة من “الجريد” الذي كان يتحصل عليه من التشذيب و التنقية . كل هذه المعطيات ، تفرض علينا طرح عدة تساؤلات ، خاصة وأننا نعرف بأن عدد من المصالح التي لها ارتباط بمجال الواحات و المجال الفلاحي …نذكر منها المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان و….
فإذا كانت هذه المصالح تقوم باعتماد برامج فلاحية توعوية تنموية وأهم هذه البرامج ، برنامج المغرب الأخضر ، الذي خصصت له ميزانيات ضخمة يمكن القول أن المستفيد الأكبر هم كبار الفلاحين ….فماذا بقي لصغارهم ؟ ليبقى مشكل العناية بالواحات من أهم انتظارات سكانها ، الذين مازالوا يضطلعون الى التوصيات و القرارات التي اتخذها مشاركون دوليون و محليون في عدة مناظرات في مجال الاعتناء بالواحات و ساكنتها .
اليوم ونحن أمام معضلة حرائق أشجار و نخيل الواحات ، التي يعرف مجالها تدهورا بشكل مستمر ، وفي كل صيف جراء الحرارة المفرطة الناتجة عن التغيير المناخي المخيف التي تشهده الكرة الأرضية ، فهل يمكن مسائلة الجهات المختصة من مكتب جهوي للاستثمار الفلاحي والوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان……باعتبارهما الجهات المخول لهما متابعات شؤون الواحات ومد سكانها بما يلزم من الإمكانيات و التوجيهات لتفادي الحرائق وحث الساكنة القروية و الواحية على تنقية أعشاش النخيل و الأشجار التي ازداد تراكمها وانتشارها حتى باتت تغطي الحقول …لتهدد جميع قصور الواحات بالحريق، في غياب الدعوة إلى إحداث محطة تثمين “الجريد” والحشائش التي تكاثرت بأودية الواحات ، وأصبحت قنبلة موقوتة تهدد حياة النخيل الذي يعد ثروة طبيعية لدى الساكنة .
ويطرح السؤال اليوم و بالأساس ،على مسؤولي الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان كمؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي ، المنوط لها صون وحماية وتنمية أشجار النخيل بالواحات ، والعمل على إقامة منظومة لتوقع المخاطر وتأثير التغيرات المناخية على هذه المناطق وبيئتها…فهل هذه الوكالة تدخلت في وقت من الأوقات في واحة أوفوس المتضررة ؟ والحال أن الواحة تعرضت لعدة حرائق كان أخرها حريق 30 و31 غشت 2020 الذي أتى على مات أشجار النخيل في عز الإنتاج ، ما سيؤثر حتما على مدخول الفلاحين الصغار الذين ينتظرون موسم التمر بشغف كبير كل سنة .
يذكر أنه خلال المعرض العاشر للتمور بأرفود 2019 ، تم تقديم شروحات أمام وزير الفلاحة، حول التدابير المتخذة من أجل تخفيف أضرار الحرائق التي لحقت الواحات، وكذا مضامين برنامج التدخل للمساهمة في الحد من الحرائق والرفع من نجاعة التدخل، الذي يهم الفترة ما بين 2020 و2022، والهادف إلى تعزيز المعدات ووسائل التدخل، والتحسين والرفع من نجاعة التدخل، وتطوير أدوات التنبؤ وتوقع مخاطر الحريق، وتكييف وتعزيز أدوات الإعلام والتوعية …فهل تمت مواكبة هذه الشروحات حتى نخفف من أثار الحرائق ؟؟؟؟