الحدث بريس : متابعة
تجسد الاكتشافات الأركيولوجية الأخيرة على صعيد إقليم آسفي، بشكل ظاهر ملموس، لوجود تراث تحت مائي من شأنه أن يضع المنتظم العلمي والأركيولوجيين على خطى حضارة تاريخية ومتجذرة.
ويدل هذا التراث، الغني والمتفرد، على المكانة التي كانت تحتلها مدينة آسفي كمركز للتجارة مع الدول الأوروبية، إلى جانب وجود ثروات أركيولوجية وتحت مائية يزخر بها ساحل حاضرة المحيط، وهو ما دفع جمعية محلية إلى الذهاب لاستكشاف هذا التراث والتنقيب عنه.
ورأت الجمعية المغربية للبحث والمحافظة على التراث الأثري تحت المائي، النور سنة 2013، للقيام بمهمة البحث والمحافظة على الآثار تحت المائية المكتشفة على الصعيد الوطني، كما تهدف إلى تثمين هذه الاكتشافات عبر خلق شراكات محلية ودولية.
وتوج التزام الجمعية وانخراطها لفائدة سياحة إيكولوجية ومسؤولة سنة 2019، بحصولها على أحد الجوائز الممنوحة خلال النسخة الثالثة لـ”جوائز للا حسناء للساحل المستدام”، التي تكافئ المبادرات الفضلى لفائدة الساحل.
ويهدف مشروع الجمعية في مرحلة أولى، إلى إنجاز خريطة وطنية للمواقع الأثرية والطبيعية بكل من الساحل والبحر، وذلك عن طريق اكتشافها وجردها؛ وفي مرحلة ثانية إلى تحضير مشاريع ومدارات سياحية تهم تثمين هذه المواقع الساحلية والبحرية وذلك على الصعيد الوطني.
وبالمناسبة، أكد رئيس الجمعية، سعيد آيت بعزيز، أن مخطط عمل الجمعية المغربية يضم عددا من المشاريع الطموحة، من ضمنها مشاريع في طور الإنجاز، من قبيل إحداث نواة لغواصين مرشدين، سيشرحون للسياح خبايا المحيط الأطلسي وسينظمون رحلات غوص لاستكشاف بقايا الحضارات القديمة التي كانت بآسفي.
وأضاف السيد آيت بعزيز، أن طموح الجمعية يكمن في التوصل إلى صياغة دليل يضم البقايا الأثرية المتواجدة على طول ساحل آسفي، وتصنيفها وتحديدها بشكل يسمح للسياح والأركيولوجيين بتنظيم أفضل للرحلات البحرية.
وأكد السيد آيت بعزيز، الذي يهوى الغطس في أعماق المياه، أن منطقة آسفي تطمح إلى استقطاب أكبر عدد من الغواصين المنحدرين من مختلف بقاع العالم، والشغوفين باكتشاف الكنوز البحرية المتواجدة على طول ساحل آسفي.
وذكر في هذا السياق، بأن الجمعية تنظم دورات تدريبية للغطس تحت الماء لفائدة طلبة الأركيولوجيا والإيكولوجيا والقانون البحري، معتبرا أن الرحلات البحرية التي ستنظم لفائدة السياح ستعمل على تحفيز الاقتصاد المحلي وإضفاء دينامية على عدد من القطاعات من قبيل الإطعام والنقل والصيد والصناعة التقليدية.
وشدد على أهمية “العناية وإنقاذ الكنوز البحرية التي تتعرض للنهب في بعض الأحيان”، مسجلا أن تثمين هذه الثروات الأركيولوجية والنهوض بها يمر عبر إبرام شراكات بناءة مع جمعيات وطنية ودولية.
وتضم هذه الجمعية، التي أبرمت شراكات مع مؤسسات وطنية وأجنبية، في رصيدها عددا من الاكتشافات التي ستسجل بمداد من ذهب في سجل التراث الأركيولوجي تحت المائي بالمغرب.
ومن بين اكتشافات الجمعية هناك سفينة عسكرية تاريخية بساحل آسفي، واكتشاف سفينة “باينياسا” بأكادير، ومدافع سقالة آسفي المندثرة، واكتشاف مكان تحطم سفينة نيكولا باكيه برأس السبرطال بطنجة، ومغارة “عين المشة” ما قبل التاريخية.
وللجمعية غاية أساسية جوهرية تتلخص في تثمين التراث الأثري تحت المائي والساحلي وكذا البيئي، وذلك عن طريق الاكتشاف، الجرد ثم تحضير مشاريع واقعية وقابلة للتنفيذ من أجل تثمينه، وكمثال على ذلك، مشروع الكنوز الأثرية والطبيعية البحرية.
كما تروم المساهمة كمجتمع مدني في الورش الملكي للمبادرة الوطنية للتنمية المستدامة الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وذلك بالمساهمة بمشاريع تهم خلق نمط جديد للسياحة على ساحل المملكة وبحريها المتوسطي والأطلنتي وكذا جذب السياح.