فوجئ الشارع السياسي التركي بإلقاء القبض على أكرم إمام أوغلو. بتهم تتعلق بـ”الفساد ودعم الإرهاب”وأثار هذا القرار ردود فعل غاضبة داخل الحزب المعارض، الذي وصف الاعتقال بأنه “محاولة انقلاب ضد الرئيس القادم لتركيا”.
خصم بارز لأردوغان
يُعد إمام أوغلو، البالغ من العمر 54 عامًا، أحد أبرز الشخصيات السياسية المعارضة في تركيا، إذ يحظى بشعبية واسعة ويُعتبر المنافس الأبرز للرئيس رجب طيب أردوغان. وقد تفوق عليه في بعض استطلاعات الرأي الأخيرة، مما جعله هدفًا لحملات قانونية استهدفت شخصيات معارضة على مدار الأشهر الماضية.
ويواجه إمام أوغلو تحقيقات تتعلق بتهم تزعم “تزعمه لمنظمة إجرامية، وتلقي رشاوى، والتلاعب في العطاءات”. وفي رسالة مكتوبة بخط اليد، تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، أكد إمام أوغلو أن “الأتراك سيردون على هذه الأكاذيب والمؤامرات”، مشيرًا إلى أنه لن يستسلم أمام الضغوط.
من قرية صغيرة إلى بلدية إسطنبول
ولد إمام أوغلو في بلدة أكشابات بمدينة طرابزون، شمال تركيا، ودرس الهندسة المدنية في جامعة شرق البحر المتوسط، ثم حصل على شهادة في إدارة الأعمال من جامعة إسطنبول. بدأ حياته المهنية في قطاع البناء، قبل أن يخوض غمار السياسة، حيث انضم رسميًا إلى حزب الشعب الجمهوري عام 2008.
في 2014، تمكن من الفوز برئاسة بلدية بيليك دوزو، إحدى ضواحي إسطنبول، ليشكل ذلك نقطة تحول في مسيرته السياسية. وفي 2019، وجه ضربة قوية لحزب العدالة والتنمية الحاكم بفوزه برئاسة بلدية إسطنبول، منهياً سيطرة استمرت 25 عامًا. وبالرغم من إلغاء الانتخابات وإعادتها، إلا أنه حقق فوزًا أكبر، ما اعتُبر نكسة سياسية للرئيس أردوغان.
خسارة جديدة لحزب العدالة والتنمية
في انتخابات 2024 المحلية، احتفظ إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول، موجّهًا صفعة جديدة لحزب العدالة والتنمية. وقد أقر أردوغان بأن نتائج هذه الانتخابات ستكون “نقطة تحول” لحزبه، مؤكدًا عزمه دراسة “رسائل الشعب”.
وتنظر المعارضة إلى إمام أوغلو على أنه المنافس الأبرز لأردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو ما دفع السلطات إلى اتهامه بمساعدة حزب العمال الكردستاني عبر تحالفه مع حزب المساواة والديمقراطية للشعوب الموالي للأكراد.
متاعب قضائية وطموحات سياسية
منذ توليه رئاسة بلدية إسطنبول، لم يسلم إمام أوغلو من المتاعب القضائية. ففي 2023، حوكم بتهم فساد تعود إلى 2015، لكنه نفى هذه الادعاءات، مؤكدًا أن تحقيقًا سابقًا أثبت عدم وجود مخالفة. كما سبق أن صدر بحقه حكم بالسجن لعامين وسبعة أشهر في 2022، لكنه استأنف القرار واحتفظ بمنصبه.
وفي خطوة أخرى قد تعرقل مستقبله السياسي، ألغت جامعة إسطنبول شهادته العلمية، ما قد يمنعه من الترشح للانتخابات الرئاسية.
المعركة مستمرة
يواصل إمام أوغلو، الذي يحظى بدعم واسع، خاصة بين الشباب والناخبين الأكراد، الدفع باتجاه التغيير داخل حزب الشعب الجمهوري، داعيًا إلى إصلاحات تقوي موقف الحزب في مواجهة “هيمنة أردوغان”.
ورغم التحديات القانونية والسياسية التي يواجهها، لا يزال إمام أوغلو الرقم الصعب في معادلة المعارضة التركية، حيث يُنظر إليه كأمل كبير في انتخابات 2028، ما يجعله خصمًا شرسًا في مواجهة حزب العدالة والتنمية الحاكم.