بدأت أوكرانيا إقامة تحصينات في مقاطعة خاركيف شمال شرقي البلاد تحسبا لهجوم روسي مضاد بعد إعلان الرئيس فلاديمير بوتين التعبئة العسكرية الجزئية، في وقت بدأت القوات الأوكرانية هجوما في منطقة دونباس (شرق) لاستعادة مدينة إستراتيجية.
فبعد أيام من استعادتها إثر هجوم وُصف بالمباغت شرعت السلطات الأوكرانية في مقاطعة خاركيف ببناء ملاجئ في الأحياء السكنية تحسبا لأي هجوم قد تشنه القوات الروسية، علما بأن مراسل الجزيرة أفاد بأن المعارك ما زالت مستمرة على الجبهات في جنوبي المقاطعة المتاخمة لمنطقة دونباس، في حين تجدد القصف الروسي على مدينة خاركيف نفسها.
وفي مقاطعة دونيتسك بدونباس قال مراسل الجزيرة عمر الحاج إن القوات الأوكرانية بدأت مساء أمس الأربعاء عملية واسعة لاستعادة مدينة ليمان الإستراتيجية التي سيطرت عليها القوات الروسية في مايو/أيار الماضي.
ونقل المراسل عن الجيش الأوكراني أنه استعاد في بداية العملية بلدات وقرى في محيط مدينة ليمان التي تضم مطارا مدنيا وآخر عسكريا، وتقع بالقرب من مدينتي كراماتورسك وسلافيانسك.
وفي دونباس أيضا، قال عمدة مدينة دونيتسك الموالي لروسيا أليكس كولمزين إن 6 مدنيين على الأقل قتلوا اليوم جراء قصف أوكراني على السوق المركزي بالمدينة، فيما قالت وسائل إعلام محلية إن قذيفة أصابت بشكل مباشر حافلة ركاب قرب السوق المركزي.
في الأثناء، أعلن جهاز الأمن الفدرالي الروسي “إف إس بي” (FSB) اليوم الخميس إحباط هجوم خططت له المخابرات الأوكرانية كان يستهدف مجمع النفط والغاز الذي يوفر الطاقة لتركيا وأوروبا، مشيرا إلى أنه تم القبض على عميل أوكراني و4 شركاء له من المواطنين الروس.
الجبهة الجنوبية
وفي جنوب أوكرانيا، نقل مراسل الجزيرة محمود الزيبق عن الجيش الأوكراني أن قواته توسع عملياتها النشطة ضد القوات الروسية في محاور القتال بمنطقتي خيرسون وميكولايف.
كما نقل المراسل عن الجيش الأوكراني أنه نفذ في الساعات الـ24 الماضية أكثر من 40 غارة على القوات الروسية في هذه الجبهة.
وفي ميكولايف، نقل مراسل الجزيرة عن مصادر في الإدارة الإقليمية العسكرية الأوكرانية أن القوات الروسية استهدفت المدينة بـ9 صواريخ من طراز “إس-300” (S-300) خلال ساعات الليل وفجر اليوم الخميس، مما خلف أضرارا مادية شملت أنابيب الغاز والمياه.
وفي زاباروجيا (جنوب شرق)، قال مراسل الجزيرة إن عشرات سقطوا بين قتيل وجريح بانفجارات عدة في المدينة وفي مدن وبلدات قريبة منها بعد قصف روسي بالصواريخ سقط أحدها بالقرب من المشفى المركزي في المدينة.
وفي مدينة ميليتوبول -التي تسيطر عليها روسيا وتقع أيضا في منطقة زاباروجيا- وقع انفجار أسفر عن مقتل 3 جنود، واتهم عمدة المدينة الأوكراني روسيا بالمسؤولية، فيما اتهم عضو في الإدارة المحلية التي عينتها روسيا الوكالات الخاصة الأوكرانية بمحاولة إحداث فوضى عشية التصويت في استفتاء على الانضمام إلى روسيا.
من جهته، قال أولكسندر ستاروخ حاكم منطقة زاباروجيا إن الجيش الروسي أطلق 9 صواريخ على مدينة زاباروجيا الخاضعة للسيطرة الأوكرانية، مشيرا إلى أنها أصابت فندقا في وسط المدينة ومحطة كهرباء.
صاروخ أميركي
على صعيد آخر، قال فولوديمير هافريلوف نائب وزير الدفاع الأوكراني إنه بعد إعلان الرئيس الروسي فلادييمر بوتين التعبئة الجزئية أصبحت واشنطن أكثر استعدادا للموافقة على إرسال صواريخ “أتاكمس” (ATACMS) الباليستية إلى كييف.
وأشار إلى أن أوكرانيا لن تضرب أراضي روسيا، لكنه قال إن لدى القوات الأوكرانية أهدافا في شبه جزيرة القرم.
وكانت موسكو حذرت مؤخرا واشنطن من تزويد أوكرانيا بهذه الصواريخ الباليستية التي يصل مداها إلى 300 كيلومتر، وقالت إن ذلك يعد خطا أحمر.
وقبل أيام، أفادت مصادر أميركية بأن واشنطن أجّلت تزويد كييف بهذه الصواريخ لتجنب رد روسي خطير.
ونقلت شبكة “إن بي سي” (NBC) الإخبارية عن مصدرين عسكريين أن كبار المسؤولين العسكريين نصحوا البيت الأبيض بعدم إرسال هذه الصواريخ إلى أوكرانيا، خشية أن يؤدي ذلك إلى حرب أوسع نطاقا مع روسيا.
ميدفيديف يهدد
وكان ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي قال إن القوات المسلحة الروسية ستعزز بشكل كبير حماية جميع الأراضي التي انضمت إليها، مضيفا أنه لا يمكن استخدام قدرات التعبئة فحسب، بل وأي أسلحة أخرى، بما في ذلك الأسلحة النووية الإستراتيجية.
وشدد ميدفيديف على أن استفتاءات الاستقلال عن أوكرانيا ستجرى في دونباس والأقاليم الأخرى، وأنه لا مجال للعودة عن ذلك.
في الأثناء، ذكرت وكالات أنباء روسية اليوم الخميس نقلا عن هيئة الأركان العامة الروسية أن نحو 10 آلاف شخص تطوعوا للتجنيد في الحملة العسكرية الروسية بأوكرانيا، دون انتظار أوراق الاستدعاء الصادرة في إطار التعبئة الجزئية.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس الأربعاء أول تعبئة عامة في روسيا منذ الحرب العالمية الثانية، وقال وزير دفاعه إنه يهدف إلى تجنيد 300 ألف من ذوي الخبرة للحرب الروسية في أوكرانيا، والتي تعرضت مؤخرا لانتكاسات شديدة.
وجاءت هذه الأنباء فيما تحدثت وكالات أنباء غربية عن احتجاجات داخل روسيا على قرار التعبئة، فضلا عن إقبال كبير من جانب المواطنين على السفر خارج البلاد.