أكد المندوب السامي لقدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، أن إنتفاضة مدينة القنيطرة أيام 7 و 8 و 9 غشت 1954 ضد المستعمر الفرنسي، تعتبر إنعطافة بارزة في تاريخ المغرب الحافل بالأمجاد و البطولات، لما سجلته من إنتصار لإرادة القمة و القاعدة في مسيرة الكفاح الوطني من أجل الحرية و الإستقلال.
و أبرز المتحدث نفسه، في كلمة بمناسبة تنظيم المندوبية لندوة فكرية حول موضوع “إنتفاضة القنيطرة سنة 1954 ضد المستعمر..حدث تاريخي متميز بحاضرة الغرب”، أمس الخميس بالقنيطرة، أن الإحتفاء بهذه الذكرى يعد فرصة سانحة لإبراز الجهود الموصولة التي تبذلها المندوبية في سبيل صون الذاكرة الوطنية و تثمينها، و الإئتمان على الموروث التاريخي و الحضاري و القيمي للمغرب، و إستقراء دروسه لتتوارثه الأجيال المتعاقبة.
و أضاف أن مدينة القنيطرة شكلت فضاء للوعي الوطني و العمل الفدائي خلال الفترة الكولونيالية من تاريخ المغرب، و كان لساكنتها إرتباط بالعرش، مشيرا إلى أن هذا الأمر “تجلى في سلسة الأحداث و الوقائع و الإنتفاضات المعبرة عن الروابط القوية و الوشائج المتينة التي ظلت تجمع منذ قرون ساكنة القنيطرة بملوك الدولة العلوية الشريفة”.
و أوضح المتحدث كذلك، بأن “شعلة هذه الإنتفاضات تأججت منذ الساعات الأولى التي أعقبت نفي بطل التحرير و الإستقلال، جلالة المغفور له محمد بن يوسف و العائلة الملكية الشريفة إلى المنفى في 20 غشت 1953م”، مبرزا أن هذه العمليات البطولية “إتسع مجالها و تقوى إيقاعها و تأثيرها بإنطلاقة عمليات جيش التحرير ليلة فاتح و 2 أكتوبر من سنة 1955م بمناطق الشمال و بالجهة الشرقية من الوطن”.
و قال “على هذا المسار المقدس الذي التحم فيه العرش و الشعب على درب النضال من أجل الحرية و الإستقلال، تحقق النصر المبين و عاد الملك المجاهد و أسرته الشريفة إلى أرض الوطن في 16 نونبر 1955م مظفرا منصورا، معلنا إشراقة شمس الحرية و الإستقلال و الإنتقال من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر”.
من جهتهم، قدم أساتذة جامعيون و باحثون في المجال التاريخي مساهمات علمية تستحضر الدلالات الرمزية و الأبعاد التاريخية لهذه الإنتفاضة المجيدة.
و أكد الأكاديميون أن تخليد ذكرى إنتفاضة القنيطرة يشكل دعوة للأجيال الحاضرة للتشبع بروح النضال الوطني، بإعتبارها “جوهرا للمواطنة الحقة و زادا لا ينفذ لإستكمال مسيرة التنمية”.
و تميزت الندوة بتكريم صفوة من قدماء المقاومين و أعضاء جيش التحرير، فضلا عن توزيع إعانات مالية على عدد من أفراد هذه الأسر المجاهدة.