خلال فصل الصيف، يميل الكثيرون إلى قضاء المزيد من الوقت في الهواء الطلق لفترات أطول، لكن الطقس الحار خطير في الواقع بقدر ما هو مبهج.
ومع ارتفاع درجات الحرارة بشكل قياسي خلال هذه الفترة، يحذر الخبراء من مخاطر ضربة الشمس القاتلة، والتي يمكن أن تبدأ في التطور بعد 10 دقائق فقط من الجلوس في الهواء الطلق، ما يمكن أن يسبب “الفقدان الكامل لوظائف الجسم” وحتى الموت.
وهنا ما يحدث بالضبط في جسم الشخص العادي منذ اللحظة التي يخرج فيها إلى الحرارة الحارقة إلى أسوأ سيناريوهات الإصابة بضربة الشمس:
في غضون دقيقة واحدة
بمجرد خروجك من المنزل، يتعرض الجلد المكشوف إلى أشعة الشمس، ومن المحتمل أن تبدأ بالتعرق على الفور، وهي طريقة الجسم لتبريد نفسه.
وعندما يستشعر الجسم درجات الحرارة المرتفعة، فإن منطقة ما تحت المهاد، وهو جزء من الدماغ الذي ينظم درجة الحرارة، تخبر الغدد الموجودة على الجلد بإفراز العرق.
وقال الدكتور زاكاري شليدر، الأستاذ في قسم علم الحركة في كلية الصحة العامة بجامعة إنديانا إن العرق الذي يتكون في الغالب من الماء، ولكنه يحتوي على كميات صغيرة من الملح المرطب، يزيل الحرارة من الجسم ويبرده عندما يتبخر على الجلد. ومع ذلك، فإن الرطوبة تجعل من الصعب على العرق أن يبردنا، كما أن البقاء خارجا في درجات حرارة عالية جدا يؤدي إلى فقدان السوائل بشكل أكبر مما يستطيع الجسم مواكبته.
بعد دقيقتين
في حالات الحرارة الشديدة، يمكن أن يتبخر العرق من الجلد في أقل من دقيقتين، حيث لا يستطيع الجسم إنتاج ما يكفي من العرق لتبريد الجسم في الوقت المناسب.
وفي محاولة للمواكبة، يبدأ الجسم عملية تسمى توسع الأوعية، حيث تنفتح الأوعية الدموية ويزداد تدفق الدم إلى الجلد.
وقد يؤدي هذا إلى إطالة التعرق لبضع دقائق إضافية، وبعد ذلك يتوقف التعرق عادة.
من 5 إلى 10 دقائق
تقول الدكتورة كريستي صهيونتز، الرئيس والمدير الطبي لطب الطوارئ في مركز هاكنساك ميريديان بايشور الطبي في نيوجيرسي: “سيبدأ القلب في النبض بشكل أسرع خلال خمس دقائق”. وذلك لأنه عندما يتم إعادة توجيه تدفق الدم إلى الجلد، فإنه يتحرك بعيدا عن الأعضاء الحيوية الأخرى مثل القلب، وينخفض ضغط الدم، ويضطر القلب إلى الضخ بقوة أكبر.
وأشارت إلى أن “أماكن أخرى، مثل الدماغ، لا تتلقى الدم”. وعندما يغادر الدم الدماغ لينتقل إلى الجلد، قد يواجه الفرد الذي يعاني من ضربة الشمس من أعراض مثل الدوخة والارتباك وقد يكون عرضة للإغماء.
وتسمى عملية سحب الدم بعيدا عن الأعضاء الحيوية بتضيق الأوعية. وبحسب الدكتور شليدر: “يُعتقد أن هذا التضيق الوعائي هو أحد المحفزات، التي تبدأ في النهاية سلسلة يمكن أن تتحول إلى ضربة شمس”.
10 إلى 15 دقيقة
وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإن 10 إلى 15 دقيقة هي الوقت الذي تبدأ فيه ضربة الشمس فعليا، إلا إذا اتخذت خطوات حيوية مثل شرب الماء والكهارل مثل المشروبات الرياضية، والحد من التعرض المباشر لأشعة الشمس، وتجنب الأنشطة المجهدة مثل ممارسة الرياضة.
ولكن إذا وجدت نفسك دون ماء أو منطقة مظللة، ففي هذه المرحلة، يمكن سحب الدم والأكسجين بعيدا عن الأمعاء، ما يجعلها أكثر عرضة للخطر، حيث أن السموم والبكتيريا التي تبقى عادة في الأمعاء تتسرب إلى الخارج وتدخل إلى مجرى الدم، ما يؤدي إلى تنشيط خلايا الدم البيضاء، وفقا للدكتور شلادر.
وعندما تهاجم خلايا الدم البيضاء التلوث، تتشكل جلطات الدم، ما يزيد بسرعة من خطر فشل العديد من الأعضاء.
بعد أكثر من 30 دقيقة
توضح الدكتورة صهيونتز أن “هناك فشلا كاملا لوظائف الجسم”، وعند هذه النقطة، تصل درجة الحرارة الداخلية للجسم إلى 41 درجة مئوية (106 فهرنهايت).
ويقارن الأطباء سلسلة الأحداث هذه بالإنتان، وهو رد فعل الجسم المفرط تجاه العدوى التي يمكن أن تؤدي إلى فشل كامل للأعضاء.
وأشار الأطباء إلى أنه من الصعب تحديد الترتيب الذي تتوقف فيه الأعضاء عن العمل، ولكن في هذه المرحلة، يعد طلب الرعاية الطارئة أمرا ضروريا لعكس الضرر.
وقد يعاني المريض من انحلال الربيدات (أحد الاضطرابات التي تحدث نتيجة تحلل خلايا العضلات بشكل حادّ ما يسبب إطلاق محتوياتها إلى مجرى الدم)، وانهيار العضلات واحتمال موتها.
ووفقا لمراكز السيطرة على الأمراض، عندما تموت الأنسجة العضلية، يتم إطلاق الشوارد والبروتينات في مجرى الدم، ما يسبب عدم انتظام ضربات القلب، والنوبات، وتلف الكلى.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتسبب الحرارة في تحلل أغشية الخلايا وإطلاق البوتاسيوم في مجرى الدم. ويمكن للمستويات العالية من البوتاسيوم أن تتداخل مع الإشارات الكهربائية في القلب وحتى تسبب السكتة القلبية والوفاة، بحسب الأطباء.
وإذا كان الشخص الذي يعاني من ضربة الشمس على وشك الحصول على رعاية طارئة، يبدأ الأطباء على الفور في العمل على تبريده.
وتقدر الدكتورة صهيونتز أن الأمر يستغرق نحو يوم أو يومين من وقت التعافي في المستشفى حتى يتعافى المريض تماما.