قالت صحيفة Financial Times البريطانية، في تقرير نشرته يوم الجمعة 12 يناير 2024، إن تحويل مسار سفن الحاويات بعيداً عن مخاطر هجمات البحر الأحمر قد تسبب في رفع تكاليف الشحن الجوي، بالتزامن مع محاولة شركات الشحن إبقاء المنتجات الآسيوية على الأرفف رغم تأخيرات حركة المرور البحرية.
إذ قالت شركات الخدمات اللوجستية إن تغيير مسار السفن من قناة السويس إلى الطرق الأطول بين آسيا والغرب، في أعقاب هجمات الصواريخ والمسيَّرات الحوثية، قد أثار اهتماماً مكثفاً بنقل السلع عبر مزيج من الطرق البحرية والجوية. حيث قالت إحدى الشركات إن الطلب على الشحن بهذا الأسلوب صار أعلى من المعتاد في شهر يناير بما يتراوح بين 25% و30%.
في سياق متصل وحسبما نشرت وكالة رويترز، فقد قال مسؤول عسكري أمريكي كبير إن أمريكا تتوقع سعي الحوثيين للانتقام، وأضاف أن الولايات المتحدة وبريطانيا ضربتا ما يقرب من 30 موقعاً في اليمن خلال الليل باستخدام أكثر من 150 وحدة ذخيرة، وهي أرقام أعلى مما تم الكشف عنه سابقاً. وقال اللفتنانت جنرال دوغلاس سيمز مدير العمليات بهيئة الأركان المشتركة، لصحفيين، إنه لا يتوقع سقوط عدد كبير من الضحايا جراء الضربات التي وقعت يوم الخميس، لأن الأهداف المشار إليها كانت في مناطق ريفية. وأوضح أن واشنطن تتوقع أن يحاول الحوثيون الرد، مضيفاً أن الجماعة أطلقت صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن في وقت سابق من اليوم، ولم يصب أي سفينة.
السفن تهرب من الحوثيين لرأس الرجاء الصالح
جاء التحول في نمط النقل بشكلٍ أساسي نتيجةً لقرارات شركات شحن الحاويات الكبرى بإرسال السفن حول طريق رأس الرجاء الصالح، مما ساعد في رفع تكاليف الشحن الجوي. حيث إن متوسط تكلفة الشحن الجوي لكيلوغرام واحد من البضائع من الشرق الأوسط إلى أوروبا زاد بنسبة 35% خلال الشهر الماضي، ليصل إلى 2.03 دولار بحسب شركة Freightos للمعلومات اللوجستية.
وقال إيتان بوشمان، رئيس التسويق في Freightos، إن شركات الشحن تلجأ إلى الشحن الجوي بسبب التأخيرات الناجمة عن أوقات العبور المطولة مروراً برأس الرجاء الصالح. وأوضح بوشمان: “تتمثل الحجة القوية لتبرير تغطية جزء من سلسلة التوريد بالشحن الجوي في أن هذا يساعد على تفادي التأخير والشك في وصول الشحنة”.
وذكر أن سلاسل التوريد المعرضة للتعطيل تشمل تلك الخاصة بتصنيع أجهزة الحاسوب، والسيارات، وحتى الخاصة بتصنيع الصلصات التي تحتاج لمكون رئيس واحد مصدره هو آسيا.
ارتفاع الطلب على الشحن الجوي
في حين قال مادز ريجر، رئيس العمليات بشركة اللوجستيات الدنماركية Scan Global Logistics، إن شركته “تلاحظ بشكلٍ متزايد” ارتفاعاً في الطلب على الشحن الجوي. وتسافر تلك البضائع على متن طائرات شحن متخصصة أو ضمن حمولة طائرات الركاب العادية.
وأوضح ريجر: “ما يزال الشحن الجوي أغلى بكثير من الشحن عبر المحيطات… لكن وجهة نظرنا الواضحة، المستندة إلى حوارنا مع عملائنا، تقول إن تداعيات الأرفف الفارغة -أو وقف الإنتاج- تتجاوز التكلفة الإضافية للشحن الجوي بفارقٍ كبير”.
يُذكر أن حركة سفن الحاويات عبر مصب البحر الأحمر، في الأسبوع الأول من يناير تراجعت بنسبة 90%، وذلك مقارنة بالعام السابق. كما شهدت قناة بنما انخفاضاً كبيراً في قدرتها نتيجة للجفاف الذي خفض منسوب مياهها، وتُعد تلك القناة مساراً رئيسياً للربط بين آسيا وللساحل الشرقي للولايات المتحدة.
زيادة مدة الرحلة
أدى تحويل مسار البحر الأحمر، إلى زيادة زمن الرحلة بين آسيا وشمال أوروبا بمقدار أسبوعين، إضافة إلى وقت الرحلة العادي الذي يبلغ نحو 35 يوماً.
وأسفر تحويل المسار وتأخيرات قناة بنما عن أشد اضطراب تشهده سلاسل التوريد الدولية منذ جائحة كوفيد-19، كما رفع تكلفة نقل البضائع عبر البحر إلى أعلى مستوياتها المسجلة خارج تلك الفترة.
وقالت العديد من شركات الخدمات اللوجستية إن زبائنها أظهروا اهتماماً خاصاً بخيارات الشحن البحري-الجوي، التي تشهد نقل البضائع بحراً إلى مركز شحن جوي كبير ثم استكمال الرحلة بالطائرة.
حيث ذكرت شركة اللوجستيات السويسرية Kuehne & Nagel أنها اعتمدت على دبي كمركز لاستقبال بضائعها المحمولة بحراً ونقلها إلى أوروبا عبر الجو. كما ترسل الشركة البضائع الآسيوية إلى الأمريكتين بحراً عبر لوس أنجلوس، بدلاً من استخدام قناة بنما لبلوغ الساحل الشرقي الأمريكي. ولا شك في أن نقل البضائع بحراً إلى جزء من الطريق يخفض تكاليف الشحن الجوي الإجمالية.
حيث تقدر شركة Freightos أن متوسط التكلفة الحالية لشحن البضائع جواً من شنغهاي إلى أوروبا يبلغ 3.76 دولار/كغم، أي أعلى بـ85% من تكلفة الشحن الجوي من دبي.