أثار تصريح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، بشأن القيمة المصرح بها لعقار وهبه لزوجته، موجة جدل قانوني وسياسي واسع، بعد أن أكد خلال جلسة برلمانية أنه من حقه أن يقيّم العقار بأي مبلغ شاء، ولو كان مليون درهم فقط، ما دام لم يحقق ربحاً من العملية. تصريح اعتبره الدكتور إدريس الأزمي الإدريسي، القيادي في حزب العدالة والتنمية وعضو أمانته العامة، مخالفاً للمقتضيات القانونية الصريحة، مبرزاً أن المسألة لا تتعلق بمسألة “ربح” بقدر ما ترتبط بإلزام ضريبي محدد في القانون لا يقبل التأويل.
وفي مقال توضيحي، أوضح الأزمي أن القانون الضريبي المغربي، وخاصة المدونة العامة للضرائب، يعفي الهبات بين الأزواج من الضريبة على الأرباح العقارية، وفق المادة 63، لكنه لا يعفي من أداء رسوم التسجيل، التي تُحتسب بناءً على القيمة التجارية الحقيقية للعقار الموهوب، وليس وفق تقدير شخصي من طرف الواهب.
ويستند الأزمي إلى المادة 131 من المدونة التي تحدد أساس فرض الرسوم في الهبات على أنه “التقدير المصرح به من قبل الأطراف”، لكنه يوضح أن هذا التقدير ليس مفتوحاً، إذ تخضع التصريحات للمراقبة الجبائية من قبل الإدارة، وفق المادة 217، التي تمنح مفتش الضرائب صلاحية تصحيح القيم المصرح بها إذا لم تكن مطابقة للقيمة السوقية وقت التفويت.
كما أشار إلى أن المواد 220 و232 تتيح للإدارة تصحيح الإقرارات التقديرية، في حين تنص المادة 143 بوضوح على إمكانية ممارسة حق الشفعة من قبل الدولة، إذا تبين أن القيمة المصرح بها لا تعكس الثمن الحقيقي للعقار، وهو ما ينطبق كذلك على الهبات بين الأزواج، التي لم تُستثنَ من هذا الإجراء، خلافاً للهبات بين الأصول والفروع.
وفي ما يتعلق بالحالة المثارة، أكد الأزمي أن العقار تم اقتناؤه سنة 2020 بمبلغ 11 مليون درهم، حسب عقد القرض، ثم وُهب لزوجة الوزير في غشت 2024 بمبلغ مصرح به لا يتجاوز مليون درهم، ما يمثل خرقاً واضحاً للمقتضيات الجبائية، خاصة وأن الفارق الزمني بين الاقتناء والهبة لا يبرر انخفاضاً كبيراً في القيمة.
ويرى الأزمي أن المفهوم القانوني لـ”القيمة التقديرية” لا يتيح حرية مطلقة، بل يربط التقدير بالقيمة التجارية الحقيقية في السوق. فسواء تعلق الأمر بـ”الثمن المعبر عنه” في البيع أو “القيمة التقديرية” في الهبة، يظل الطرف المصرّح ملزماً قانوناً بعدم الانحراف عن السعر الواقعي للعقار.
وخَلُصَ إلى أن المدونة العامة للضرائب لا تترك مجالاً للاجتهاد في هذه الحالة، وأن فتح الباب أمام تقديرات رمزية أو غير واقعية يُعرّض الواهب للمساءلة الجبائية، وقد يؤدي إلى تدخل الدولة بممارسة حق الشفعة. وأضاف أن تصريحات من هذا النوع، خاصة حين تصدر عن مسؤول حكومي، تضعف ثقة المواطنين في المنظومة القانونية، وتضر بمبدأ العدالة الجبائية الذي يُفترض أن يسري على الجميع دون استثناء.