هل يريد مواطن جهة درعة تافيلالت أن يُعاد عليه نفس سيناريو الانتخابات، وما تلاها من جلسات في مجالسها الفارغات والمثل يقول “المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين”..؟
لعلها تكون لحظة تأمل واستيقاظ، لحظة فارقة يتم القطع فيها بنيويا وبشكل نهائي مع الوجوه المعادة العدمية الكالحة، التي ميعت المشهد السياسي والاقتصادي بجهة درعة تافيلالت.
تلك الوجوه التي ألفت السكن في الفيلات الفخمة وامتلاك السيارات الفارهة والتمتع بالرحلات. تلك التي تريد المحافظة على مصالح عائلاتها فقط وتأييد اقتصاد الريع، وإفساد مسؤولي الإدارة، وتمييع الانتخابات. وضرب كل المبادرات والمحاولات التي تسعى لخلق اقتصاد وطني يرتكز على المنافسة الشريفة وعدم النفخ في الفاتورات. يقوم على العدالة والشفافية والنزاهة في عرض الصفقات دون تمريرها في الظلام للمقربين والقريبات.
الأوراق المحروقة انتخابيا عنوان لأشخاص مَلَّتهم الأمكنة والأزمنة. حتى الكراسي عافتهم، وإن كانت جمادا، من شغف الخلود، وترداد القعود.
فلقد ضاقت بوجودهم القاعات ومجَّتهم الأفراد والجماعات وأفلست بسببهم الاجتماعات والدورات.. هؤلاء الذين يحصلون بطرق ملتوية ماكرة على التزكيات من بعض كتاب وأمناء الأحزاب من “منعدمي الضمير”. الذين باعوا أحزابهم ومناضليهم بأبخس الأثمان “لأصحاب الشكارة ولعراضات في الصالونات والأوطيلات”. فأصبحوا يمتهنون حرفة السمسرة في الانتخابات.
لحظة تأمل
ألم يَئِن بعد أن نعتبر زمن ما قبل الانتخابات “لحظة تأمل” وتفكير في اختيار حر “لمن نريد”؟ أم سلبت منا الإرادة بالكلمات الخادعات؟ وحالت بيننا وبين صناعة الحاضر والمستقبل بمسؤولية لنخلق لحظة انتصار “للنموذج التنموي” الذي تنشده ساكنة جهة درعة تافيلالت.
إن جزءً كبيرا من الأوضاع المتردية يتحمله كتاب وأمناء الأحزاب السياسية الذين يكرسون تخلف جهتنا لأنهم قد لا يعرفون واقع هذه المنطقة لبعدهم عنها أو عدم درايتهم بالأشخاص فيسلمون التزكيات للمتلاشيات المتهالكات من الأميين البلداء.
قد يعذرهم أبناء الجهة ويقولون ربما بسبب “العزومات والعراضات الدسمات” وأشياء أخرى من تجعل الممثل الأول للحزب أو كاتبه تخور فرائصه ويسيل لعابه أمام كرم وسخاء الراغب في التزكيات مفسد ومميع الاستحقاقات وتلك هي الكارثة العظمى …
هل يمكن أن نتحدث اليوم بعد توالي الخيبات والانتكاسات في مجلسنا الجهوي الموقر وكذا مجالسنا الحضرية والقروية بالجهة أن نجمع ونقول لا “للأوراق المحروقة” أن تعيد نفسها حتى وإن حصلت بخداع الأمناء على بعض التزكيات، إذ من السخف والبلاهة أن تُعطى التزكية لأمي لا يعرف تركيب جملة مفيدة، ويعتمد على “التنقال والغش” في فروض البرلمان.
إنهم يسعون من جديد للحصول على “أصوات” المغفلين الذين انطلت عليهم الحيل والوعود، والترهات الكاذبات، فهل بقي في جهتنا من يرضى بالدون من الفتات في الانتخابات ويفرمل عيشه وضمان كرامته لسنوات قادمات؟
وحدة الصف
هل يمكن أن نتفق كشباب وشابات الجهة على ألا نجعل لهم صولة أو جولة ضمن استحقاقات الانتخابات المقبلة، إذ نمنعهم من أن يعيدوا على الساكنة سواد الأيام الفارطات البائسات؟
لا يمكن للذين جعلوا من منطقتنا ومجلسنا الجهوي ومجالسنا الحضرية والقروية مهزلة؛ وفي الخفاء يتهافتون على المشاريع والصفقات، أن يمرروا كذبهم من جديد على أبناء وبنات ورجال ونساء إقليم الرشيدية وأن يعيدوا نسخهم وأزمنتهم المريضة التي انتهت، لكن هذا لن يتحقق إلا باستعادة أبناء الرشيدية بمختلف أطيافهم لزمام المبادرة في الاختيار الصائب والمشاركة المكثفة بوعي لإنجاح الاستحقاقات وكسب رهان “النموذج التنموي المنشود”.
لتغادر وتختفي “الأوراق المحروقة” التي استحوذت بشكل أوحد على المشهد السياسي والاقتصادي لجهتنا وتبنت الإقصاء والتهميش للطاقات المبدعة في شتى المجالات.
من هذه الأوراق المحروقة من ولدوا من رحم التفكير الاستحواذي الظلامي الذي يتبنى المناورة الماكرة فخطط ونظر وأطلق فئة انتهازييه ووصولييه ومتسلطيه الذين جندوا لامتهان (التدين) واحتراف التضبيع والتدجين فدخلوا بجمعياتهم واستغلوا الوضع الاجتماعي المتردي للركوب على أكتاف السواد الأعظم.
ومنهم الآخرون من أعيان” التبجح والفخفخة” الذين ذهبوا في نفس السياق فأطبقوا معهم على كل شيء وأكلوا الأخضر واليابس في جميع المجالات …
الأوراق المحروقة تعرف نفسها
الأوراق المحروقة تعرف نفسها جيدا وتعرف أنها فقدت مصداقيتها في التدبير والتسيير لشؤون المجلس الجهوي والمجالس الحضرية والقروية بجهة درعة تافيلالت كما فقدت صدقيتها أمام العام والخاص، هي وجوه شاخت واسودت ملامحها وانطفأ بريقها و”تكمشت” صورتها وخف وزنها وبهتت حروفها، فلا يمكن البتة أن تعيد ترميم ذاتها لأن مجرد هبة ريح خفيفة تهشمها فما بالك إذا اجتاحتها رياح التجديد العاتية، تمحو أثر ديماغوجيتها من كافة ربوع جهة درعة تافيلالت.
واقع هذه الأوراق المحروقة لا يحتاج إلى كثير جهد للتنصيص والتدليل على شراهتها الفادحة وكبر بطونها الزاحفة، ليذكر أسماءها وتاريخها …
وهل تريد دفع أبناء الجهة لفضح ما كسبت وتكسب؟… إن ذلك ليس من شيم “ولاد البلاد” لذلك فأبناء المنطقة يدعونهم لينسحبوا بشرف وبكل روح رياضية وبهدوء ودون ضجيج …
فالكل يعرف واقع هؤلاء… إذ لا سبيل البتة لتنزيل النموذج التنموي الذي تصبو له الجهة بإعادة انتخابهم.
إن الحديث عن هذه الأوراق المحروقة بصيغة الجمع. هو أن هذه الوجوه وبعناد المضمحل الفاشل المكابر تريد العودة “صحة”. بتشديد الحاء للترشح للانتخابات المقبلة. لتعيد أسطوانة ضجيجها ونقيقها المبتذل، وخطابها البائس باستغلال المال والدين والطهرانية. وخطاب المظلومية من جديد ومعها الفئة الأخرى من (الأعيان) الذين يعتمدون في كتابة تدخلاتهم في البرلمان ومجلس المستشارين على مناضلي الأحزاب السياسية… “قب أو طالع البرلمان والمستشارين ماشي فضيحة هاذي” قاليك ممثل الأمة …
الرشيدية بقيت في آخر سلم الترتيب التنموي
لماذا الرشيدية بقيت في آخر سلم الترتيب التنموي بالمقارنة مع جميع المدن المغربية؟ هل بسبب الكم الهائل من الاختلالات التي أحصتها تقارير لجان المجلس الوطني للحسابات؟ أم بسبب الواقع الاجتماعي والاقتصادي والمعيشي للساكنة القروية والحضرية حيث لا معامل ولا مقاولات لا طرق لا فرص تشغيل… كل شيء التهمه (الأعيان) و “حاشوه” لعائلاتهم .
هؤلاء المتسلقون الانتهازيون رغم دخولهم في المعمعة السياسية لم يطبقوا لا برنامجهم الحزبي الطوباوي الذي دبجوه. ولا الذي نقلوه من غيرهم بشكل سوريالي. ولم يتفقوا فيه معهم في إطار التوافق أو التحالف إلا على أجندة التعاكس والتخالف.. ولا حتى ابتكار خطة عمل تنموية يمكن أن تجتمع حولها كل الأطراف السياسية. تعتمد عليه كدراسة محكمة وكمرجع وكإطار يمثل الواقع الحقيقي المشخص بدقة. تتجلى فيه المناطق مجاليا بأوضاعها المعيشية مع تبيان الإمكانات بالتعاون بين المجتمع المدني ومؤسسات الدولة.
فلا نجد خلال هذه السنوات العجاف السالفات من تولي هؤلاء زمام التسيير والتدبير إلا ما يحيل على العشوائيات. والتخبط في الطرح والتصورات وكثرة اللغط والصراعات.
أي شيء يحمد في الجهة؟:
بنيات تحتية متهالكة، بيئة مستنزفة شبكات طرق داخل المدارات الحضرية بلا معايير تقنية وهندسية.. العالم القروي مهمش ومشلول شبكات الصرف الصحي بالمؤسسات الصحية متقادمة. مرافق صحية بالمدارس تبعث على الاشمئزاز والقرف.
حالة عمال النظافة مزرية لا سكن لائق لا تطبيب لا وسائل حماية أوضاع عمال المخابز، وعمال المجازر البلدية؟ تبعث على الشفقة، المشردون والمتسولون ألفوا المبيت في الشوارع وفي المحطات الطرقية وفي العراء؟ …
أية إنجازات قدمتها وتركتها هذه “الأوراق المحروقة” للجهة يمكن الافتخار بها.. الأشياء الوحيدة التي ترى هو ما جمعوه لأنفسهم وذويهم وعشيرتهم… والموالين لهم الذين يطبلون لأعمالهم مقابل الفضلات المذلات .