تستمر خلية الاستشارة النفسية عن بعد التي احدثتها جامعة سيدي محمد بن عبد الله في تقديم خدماتها لفائدة المواطنين من داخل المغرب و خارجه و من مختلف الشرائح الاجتماعية و الفئات العمرية ،و تجدر الإشارة الى ان هذه الخلية تم إنشاؤها اياما قليلة بعد الإعلان عن قرار الحجر الصحي الذي يدخل ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة خطر فيروس كورونا المستجد ،كما تضم ثلة من الأساتذة و الاخصائيون النفسيين الذين تطوعوا بكل إنسانية من اجل المرافقة النفسية لمن يحتاجون المساعدة طيلة ايّام الأسبوع وفق حيّز زمني يخصص لعدد من المتدخلين على مدار عدة ساعات في الْيَوْمَ صحيح ،فالعالم يعاني على مدى عدة أسابيع من التداعيات التي فرضتها جائحة فيروس غريب ،سواء على المستوى الاقتصادي او الاجتماعي ،و ايضا و بالخصوص على المستوى الصحي و النفسي للأشخاص ،فلا يخفى على الجميع مدى حدة الأعراض التي قد يخلفها ظهور وباء جديد بشكل فجائي عجزت أمامه حتى أقوى الدول و الحكومات ومن بين هذه الانعكاسات النفسية قد نجد :الوسواس القهري ،نوبات الهلع ،القلق الحاد و ميول اكتئابية قد تتحول الى أمراض تستدعي العلاج و المتابعة لتفادي النتائج السلبية على جودة الحياة و العلاقات الانسانية ،اضافة الى ذلك قد نجد ازدياد معاناة عدة أشخاص ممن يحملون اضطراب طيف التوحد او من يعيشون و يتعايشون مع اعاقة معينة.
كما ان احداث هذه النافذة التواصلية يعد فرصة لمساعدة المرضى الذين يتابعون علاجات لدى أطباء نفسيين من اجل تمكينهم من طرح تساؤلات حول حالتهم الصحية و تجديد وصفاتهم الطبية اذا اقتضى الحال دون ان نغفل دورها في الدعم النفسي خاصة في هذه الفترة لفائدة التلاميذ و الطلبة الذين يتابعون دراستهم عن بعد و من هم في صدد التهييء لامتحانات نهاية السنة اضافة الى تقديم مقترحات و استراتيجيات لحل المشاكل و العلاجات الاسرية (خلافات أسرية ،زوجية ،عنف اسري ..).
كما ينبغي التذكير ان التواصل عن بعد من اجل تقديم استشارات و علاجات نفسية يتم في سرية تامة تراعي الأخلاق الكونية اولا و قوانين المهنة و على رأسها السر المهني و الثقة اضافة الى خاصية الإنصات الجيد و الفعّال و الاحترام المتبادل المبني على أساس من الاهتمام و المشاركة الوجدانية .ان تجربة التواصل النفسي عن بعد رغم استعجاليتها نظرا للظروف الانية يمكن ان تساهم في تشكيل برنامج عمل موازي للاستشارات النفسية عن قرب من اجل مواكبة جيدة لحالة المرضى و الزبناء بصفة عامة حيث انها تمنح حرية اكبر للتعبير لصالح المرضى عندما لا يوجدون وجها لوجه امام المعالج ،اضافة الى تجنب الوصمة الاجتماعية التي لا زالت تميز الأمراض النفسية و العقلية في العديد من البلدان،ففي ظل تنوع وسائل التواصل الاجتماعي قد تكون الاستشارة النفسية الهاتفية وسيلة للخروج من عنق الزجاجة و احد الحلول الناجعة للتخلص من تبعات المعاناة النفسية نتيجة ضغوط العمل او المشكلات الاسرية او الحالة الاقتصادية و تفادي التنقل المستمر من المناطق النائية و البعيدة كما عبر وزير الصحة السابق السيد أنس الدكالي عن قلقه بشأن المعطيات الإحصائية حول الحالة الصحية لعموم المواطنين فيما يخص الجانب النفسي ،حيث أوضح في معرض رده على احد الأسئلة الموجهة اليه خلال احدى جلسات مجلس النواب في أكتوبر 2018,ان 26,5 بالمائة يعانون من الاكتئاب و 9 بالمائة من اضطرابات القلق و ما يقارب 6 بالمائة يعانون من اضطرابات ذهانية و على رأسها مرض الفصام.
*باحثة في علم النفس الإكلينيكي عضو خلية الاستشارة النفسية عن بعد بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس