رغم مرور ثلاث سنوات على إطلاق البرنامج الاستعجالي لحماية مدينة طنجة من الفيضانات، والذي رُصدت له ميزانية ضخمة بلغت 310 ملايين درهم، وجمعت في تنفيذه كلًا من وزارة التجهيز والماء ووكالة الحوض المائي اللكوس عبر سلسلة من الاتفاقيات. عادت مياه الأمطار الغزيرة لتكشف عن اختلالات كبيرة في البنية التحتية للمدينة، ما أثار موجة غضب عارمة بين السكان، خصوصًا المتضررين الذين يتساءلون عن مدى فعالية هذا المشروع، وأين ذهبت الأموال الطائلة التي خُصصت له؟
طنجة تغرق مجددًا رغم المشاريع الوقائية
البرنامج الاستعجالي الذي امتد للفترة 2022-2024 كان يهدف إلى حماية المدينة من الفيضانات. الناتجة عن حمولات الأودية التي تعبر أحياءها ومناطقها الحيوية. إلا أن الأمطار الأخيرة أظهرت أن الوضع لم يتغير كثيرًا، بعدما تحولت شوارع وأحياء المدينة إلى برك مائية ضخمة، غمرت المحلات التجارية والمنازل، وتسببت في شلل شبه كامل للحركة في بعض المناطق.
ولم تقتصر الأضرار على الأحياء السكنية والشوارع، بل شملت أيضًا الطرق والأنفاق الحديثة التي غمرتها المياه. وسط تساؤلات عن جودة الأشغال المنجزة ومدى احترامها للمعايير التقنية والهندسية المطلوبة.
كارثة سوق “كاسابراطا” .. خسائر مضاعفة
من بين النقاط الأكثر تضررًا، كان سوق “كاسابراطا” الشهير، الذي غمرته المياه بالكامل. متسببًا في خسائر مادية جسيمة للتجار الذين وجدوا أنفسهم وسط كارثة حقيقية، مع تلف السلع وتعطل النشاط التجاري.
الوضع زاد من حالة الاحتقان، خاصة وأن السوق يُعد واحدًا من أهم المراكز التجارية في المدينة، ويستقطب يوميًا آلاف المتسوقين.
تساؤلات حول مصير الاستثمارات الضخمة
هذه الفيضانات تأتي في وقت تستعد فيه مدينة طنجة للعب أدوار محورية، من بينها احتضان بعض مباريات كأس العالم 2030. وهو ما يفرض تساؤلات كبرى حول مدى جاهزية بنيتها التحتية لاستقبال مثل هذه الأحداث العالمية.
ويرى متابعون أن ما حدث يعكس إخفاقًا واضحًا في تنفيذ المشاريع الوقائية التي كان يُفترض أن تحصّن المدينة من هذه الكوارث. خاصة في ظل التغيرات المناخية التي تزيد من تواتر الظواهر الجوية القاسية.
في ظل هذا الواقع، يطالب السكان والفاعلون المحليون بفتح تحقيق لمعرفة مصير الميزانية الضخمة المخصصة للبرنامج الاستعجالي. وتحديد المسؤوليات بشأن الإخفاقات التي جعلت المدينة تغرق مجددًا رغم الوعود والمشاريع التي تم الإعلان عنها.
فهل ستتحرك الجهات المسؤولة للكشف عن تفاصيل هذه المشاريع؟ أم أن طنجة ستظل رهينة الفيضانات وسوء التدبير رغم كل الاستثمارات التي رُصدت لحمايتها؟