التحالف الحكومي في المغرب: التوترات تعود مجددًا بين “البام” و”التجمع الوطني للأحرار”
شارك
بعد فترة من الهدوء النسبي التي سادت داخل التحالف الحكومي، عادت التوترات مجددًا بين مكوناته. لتسجل فصولًا جديدة من الخلافات بين الأحزاب المشاركة في الحكومة. فبينما كان يتم تصوير هذه الخلافات على أنها مجرد اختلافات تكتيكية يمكن تجاوزها، يبدو أن الهوة بين الأحزاب قد اتسعت، مما يعكس أزمات عميقة تتجاوز الخلافات السياسية اليومية.
هذه المرة، لا يتعلق الخلاف بمجرد توجيه انتقادات متناثرة أو مجادلات حول بعض الملفات الثانوية. بل أظهر حزب الأصالة والمعاصرة (البام) تحديًا جديًا من خلال بيان المكتب السياسي للحزب، الذي نشر اليوم. عقب اجتماعه يوم الثلاثاء. البيان حمل اتهامات مباشرة لحزب التجمع الوطني للأحرار، وعلى رأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، بما يتعلق بأزمة الأسعار في الأسواق المغربية، وتحديدًا في ملف اللحوم.
اتهامات قوية حول الإعفاءات الجمركية
في البلاغ الذي أصدره حزب الأصالة والمعاصرة، تم الإشارة إلى أن الإعفاءات الجمركية التي فرضتها الحكومة على اللحوم المستوردة. لم تثمر عن نتائج ملموسة في تخفيف معاناة المواطنين. بل فشلت في تحقيق الهدف الذي كانت تسعى إليه الحكومة: تخفيض الأسعار وتخفيف العبء على المواطنين المغاربة.
وقد أكد الحزب في بيانه أن هذه الإجراءات لم تكن إلا “مسكنًا مؤقتًا” لم يؤثر بشكل إيجابي على أسعار اللحوم في السوق المحلية، بل على العكس، أسهمت في تعميق الأزمات الاقتصادية.
وأضاف حزب الأصالة والمعاصرة أن هذا القرار لم يساهم فقط في تفاقم الأزمات الاقتصادية. بل ساعد أيضًا في استغلال الوضع من قبل بعض رجال الأعمال المقربين من بعض المسؤولين. خصوصًا من المقربين من وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، وهو ما يطرح تساؤلات حول مصداقية الإجراءات الحكومية وقدرتها على تحقيق الأهداف المرجوة.
وتواردت الأخبار عن استفادة بعض الشخصيات البارزة من هذه الإعفاءات الجمركية لتحقيق مكاسب مالية ضخمة، على حساب المواطن العادي.
دعوة للبحث عن حلول جذرية
وبعد تقديم هذه الاتهامات الواضحة، دعا حزب “البام” حلفاءه في الحكومة. إلى ضرورة التعاون لإيجاد حلول جذرية للأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطنون المغاربة. مؤكدا على ضرورة تفعيل الخطط الحكومية في مجالي التشغيل والتنمية، التي من شأنها توفير فرص العمل وتحسين الوضع الاقتصادي العام.
لكن الأهم من ذلك، شدد حزب الأصالة والمعاصرة على ضرورة إشراك جميع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في هذه الجهود. وذلك لضمان أن تكون أي حلول يتم التوصل إليها شاملة وعادلة.
ورغم محاولات الحكومة التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية، إلا أن معارضة مثل “البام” ترى أن الحكومة لم تُظهر بعد الاستجابة الكافية لحاجات المواطنين الملحة.
التوترات داخل التحالف الحكومي
الرسائل التي بعث بها حزب الأصالة والمعاصرة تأتي في وقت حساس بالنسبة للتحالف الحكومي. الذي يعيش من جهة على وقع التحديات الاقتصادية والاجتماعية.
ومن جهة أخرى على تنامي الضغوط الداخلية بين مكوناته السياسية. ورغم محاولات الحكومة توجيه رسائل تطمينية بأن كل الأمور تحت السيطرة، إلا أن الواقع على الأرض يعكس صورة مغايرة. مع تزايد حدة الخلافات بين الأحزاب الرئيسية في التحالف، لاسيما بين “البام” و”التجمع الوطني للأحرار”.
ويُتوقع أن تزداد هذه التوترات في الأسابيع المقبلة مع اقتراب الانتخابات القادمة، حيث سيسعى كل حزب إلى تصفية حساباته مع الآخر من خلال بيانات رسمية أو تصريحات متتالية. فالمغرب اليوم يواجه تحديات لا تقتصر على الأزمة الاقتصادية فقط، بل تشمل أيضًا كيفية الحفاظ على استقرار الحكومة وفاعليتها في مواجهة التحديات الكبرى التي تلوح في الأفق.
إجمالًا، فإن الخلافات الأخيرة بين حزب الأصالة والمعاصرة وحزب التجمع الوطني للأحرار تكشف عن عمق الأزمة الداخلية التي يعاني منها التحالف الحكومي المغربي. هذه التوترات قد تكون بداية لفصل جديد في السياسة المغربية، يعكس رغبة كل طرف في فرض رؤيته واستراتيجيته على الآخر، وهو ما قد يعيد تشكيل المشهد السياسي في البلاد في المستقبل القريب.