وتهدف هذه العملية إلى تعزيز مناعة الاقتصاد الوطني أمام الصدمات الخارجية ودعم تنافسيته وتحسين مستوى النمو.
فما جوهر هذا الإصلاح، وما دوافعه، وما هي آثاره المحتملة على الاقتصاد وعلى المواطن على حد سواء؟
يوضح ادريس العباسي، أستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن هذا الإصلاح يتمثل في توسيع نطاق تقلب سعر صرف الدرهم. فبعد أن كانت نسبة نطاق التقلب ±0,3 بالمائة، باتت النسبة اعتبارا من أمس الاثنين ± 2,5 بالمائة.
واعتبر الخبير في السياسة النقدية، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذا الإصلاح كان ضروريا لمواكبة الدينامية الاقتصادية بالمغرب، موضحا أن نظام الصرف يتطور حسب درجة انفتاح البلد على باقي العالم.
وأبرز في هذا الصدد أنه “كلما انفتح البلد، وكلما تطور مستوى تنميته، عمد إلى تحديد قيمة عملته تبعا للسوق (مبدأ العرض والطلب)”.
وأشار العباسي إلى أن الكثير من الدراسات خلصت إلى حتمية إجراء هذا الإصلاح بالنظر إلى الإكراهات التي أفرزها النظام القديم سواء لتنافسية المقاولات أو لمجموع الاقتصاد الوطني.
وشدد على أنه لا ينبغي توقع تغير جذري، إيجابي أو سلبي، من جراء تنفيذ هذا الإصلاح، معتبرا أن مرونة نظام سعر الصرف ليست “حلا سحريا” للمشاكل الاقتصادية التي يواجهها المغرب، وإنما هو جزء من سلسلة من الإصلاحات.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الهدف الذي تتوخاه السلطات من هذا الإصلاح هو تحسين تنافسية الاقتصاد الوطني، غير أن نجاح هذا الإصلاح يقتضي دعمه بإجراءات ملموسة في قطاع التعليم وسوق الشغل وغيرهما من القطاعات.
وأبرز العباسي أن هذا الإصلاح لن تكون له آثار على المستهلك وقدرته الشرائية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن السلطات النقدية وضعت آليات لمواجهة المخاطر المحتملة لهذه السياسة الجديدة لسعر الصرف.
وأوضح أن المخاطر المحتملة لهذا الإصلاح قد تكون مرتبطة بالتضخم، لافتا إلى أن على السلطات النقدية أن تنظم حملة توعوية للتصدي لممارسات الفاعلين الاقتصاديين التي من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الضغوط التضخمية.
وأكد أنه في ظل هذا الضغط، ستعمد السلطات النقدية إلى التدخل لمواجهة الآثار السلبية المحتملة، علما بأن نطاق التقلب سيظل محدودا في ± 2,5 بالمائة.
وأضاف أن بنك المغرب قد استعد بشكل جيد للانتقال إلى نظام الصرف المرن، حيث وضع جميع الآليات اللازمة الكفيلة بضبط تنفيذ هذا الإصلاح.
وأبرز أن جميع السيناريوهات قد تمت دراستها، وأن دراسات الآثار المحتملة تم تمحيصها مع الأخذ بعين الاعتبار آفاق أداء الاقتصاد المغربي، مؤكدا أن مسلسل تنفيذ هذا الإصلاح متحكم فيه، ما لم يحدث تقلب جذري على الصعيدين الوطني والدولي على حد سواء.