الجزائر بين فصول التطهير وصدى الماضي العثماني

0

تتسارع وتيرة “تصفية الحسابات” في مشهد يعكس استمرار التوترات داخل هرم السلطة في الجزائر بين أجنحة المؤسسة العسكرية، في ما يشبه إعادة إنتاج لأساليب الإنكشاريين خلال العهد العثماني.
فبعد استبعاد ما يُعرف بجناح الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، بدأت معالم مرحلة جديدة من الصراع تظهر، مع تصاعد نفوذ جناح الجنرال سعيد شنقريحة، القائد الحالي لأركان الجيش.

وتشير مصادر مطلعة إلى أن رجال شنقريحة يسارعون لتعزيز مواقعهم داخل دوائر القرار، وهم يدركون جيداً أن أي تغيير مفاجئ سواء بالموت أو الإقالة  قد يضعهم في دائرة التصفيات القادمة، في ظل حالة من الترقب بين ضباط ينتظرون دورهم في الصعود، أو ربما في الانتقام.

ويعكس هذا المشهد، حسب مراقبين،  صورة مألوفة في التاريخ السياسي للجزائر ما قبل الاستعمار الفرنسي، وتحديداً في عهد الإيالة العثمانية، حين كانت الصراعات بين قادة الإنكشارية تدور حول الغنائم والسلطة، أكثر من كونها صراعات مؤسسات أو برامج حكم.

وحسب  بعض القراءات ،إذ لم يكن الهدف آنذاك من السيطرة على الحكم سوى الاستئثار بعائدات القرصنة وتجارة الرقيق، بينما تدور صراعات اليوم حول التحكم في ريع المحروقات وشبكات التهريب والفساد. ويرى البعض أن غياب مؤسسات حكم فعلية، وتركّز السلطة في يد طغمة عسكرية، يفضي إلى صراعات لا تنتهي إلا لتبدأ من جديد، بتغيير الوجوه دون تغيير القواعد.

ويعيد البعض التذكير بفترة “الباشوات الثلاثيين” (1587–1659)، حين كان الباشا يشترى منصبه من الباب العالي في إسطنبول، ويعمل على استرجاع ثمنه سريعا عبر الجباية ونهب الموارد، دون السعي لصناعة أعداء محليين، ما جعل تلك المرحلة – paradoxically – أقل دموية من صراعات الإنكشارية اللاحقة.

ويبقى اليوم، وإن تبدلت الأسماء والأدوات، الجوهر مشابها: نظام يعيد إنتاج ذاته عبر حلقات متكررة من التصفية والسيطرة، في ظل غياب مشروع سياسي جامع،

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد