يفتتح البرلمان بمجلسيه يوم الجمعة المقبل، الدورة الأولى للسنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الحادية عشرة.
و مواكبة للدخول البرلماني الجديد، تستطلع آراء عدد من الفرق النيابية بخصوص الرهانات و القضايا ذات الأولوية، التي تستأثر بإهتمام ممثلي الأمة.
و في حديث للوكالة، يسلط رئيس فريق التقدم و الإشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني (معارضة) الضوء، على أهم القضايا الترافعية للفريق، و يقدم تشخيصا لأداء المعارضة البرلمانية، و كذا قراءة تقييمية في المنجز الحكومي.
1- ما هي أبرز الرهانات التي تكتنف الدخول البرلماني الجديد، و كذا القضايا ذات الأولوية بالنسبة لفريقكم ؟
رهانات الدخول البرلماني يحددها واقع المجتمع. إن ما يشغل بال الأسر المغربية حاليا، هو تنفيذ برنامج إعادة البناء و التأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، و آثار الفيضانات في عدة أقاليم بالشرق و الجنوب و الجنوب الشرقي، و كذا القدرة الشرائية للمواطنين، و توفير مناصب الشغل، و تعزيز الثقة في المؤسسات في ظل بروز ظواهر مثل العزوف عن المشاركة السياسية، و هو ما يقتضي إصلاحات و تقويم الإقتصاد الوطني، و مواجهة تداعيات الجفاف و تأثيراته على المجالات القروية.
واجبنا، إذن، سنقوم به كالعادة، و بشكل أقوى، وفق ما يتيحه لنا الدستور و النظام الداخلي، من أجل الإقتراح، و تنبيه الحكومة إلى حقيقة الأوضاع.
من جهة أخرى، مسألة الأولويات تطرح ثلاث ملاحظات أساسية، تتعلق الأولى بمدى وفاء الحكومة بالإلتزامات المتضمنة في برنامجها مما يجعل كل القضايا أولويات مطروحة، فيما تهم الثانية إلتزامنا كفريق برلماني بالإنصات إلى كل الفئات، و بالتالي حمل كل القضايا و الملفات “بتوازن” أما الملاحظة الثالثة، فمفادها أنه لا يمكن الحفاظ على نفس البرنامج الحكومي في ظل مجموعة من المستجدات التي تستدعي تدابير استعجالية (آثار الزلزال، التضخم و الغلاء، المطالب الإجتماعية المتصاعدة، تداعيات الفيضانات، إنعكاسات الجفاف…) و التي تتطلب تخصيص ميزانيات كبيرة.
على صعيد آخر، و بالنظر إلى إختصاصات البرلمان، فعلى المستوى التشريعي، سيكون مطروحا علينا مناقشة نصوص بارزة، منها، مشروع القانون المالي لسنة 2025، و القراءة الثانية لمشروع قانون المسطرة المدنية، و مشروع قانون المسطرة الجنائية، و مشروع القانون الجنائي، و مشروع قانون الإضراب، إلى غير ذلك.
تشريعيا، أيضا، سيتعين على الحكومة التفاعل مع مقترحات قوانين تقدمنا بها، كفريق، من قبيل، مقترح قانون النهوض بالمناطق الجبلية، و مقترح قانون لتسقيف أسعار المواد المدعمة من طرف الدولة، و مقترح قانون لتسوية وضعية “لاسامير”، و مقترح قانون لتمكين الباحثين عن الشغل حاملي الشهادات من منحة.
و بخصوص العمل الرقابي، فإن مرجعياتنا الأساسية في ممارسة دور الرقابة البرلمانية على الحكومة تتحدد في البرنامج الحكومي بتعهداته، و الواقع المعيشي اليومي، و أرقام و معطيات المؤسسات الرسمية كالمندوبية السامية للتخطيط و المجلس الإقتصادي و الإجتماعي و البيئي، و بنك المغرب.
أما فيما يتعلق بالمجال الديموقراطي فنحن نعتبره أولوية قصوى لأنه بدون أحزاب قوية ومستقلة في قراراتها، وبدون ثقة ومصداقية في العمل السياسي والمؤسسات المنتخبة، وبدون مصالحة الشباب مع الشأن العام، ستظل كل مجهوداتنا التنموية الوطنية مهددة بالفشل.
2- المعارضة البرلمانية..سؤال التنسيق و نجاعة الأداء فيما تبقى من الولاية البرلمانية الحالية ؟
سأجيب بدون لغة خشب، و بصراحة و موضوعية، المعارضة معارضات، لأن توجهات مكوناتها متباينة عموما، فرغم التقائنا في قضايا مع هذا المكون أو ذاك، هناك بعض الأمور الثانوية، للأسف، التي تطغى على العمل المشترك. و حتى لو إفترضنا أن مكونات المعارضة منسجمة تمام الإنسجام، يجب أن نتذكر أن المعارضة ليست حكومة و لا برلمان، بل إلتزامنا الوحيد هو القيام بأدوارنا على أحسن وجه في مراقبة عمل الحكومة، و في التشريع، و في تقييم السياسات العمومية.
فالدور الأساسي للمعارضة يتمثل في مراقبة عمل الحكومة، بمعنى أنه كلما كانت لدينا حكومة تعمل أكثر و تتخذ قرارات أكثر و حاضرة سياسيا و تواصليا بصورة أكبر، كلما كانت المعارضة أقوى.
3- تكتسي الدبلوماسية البرلمانية أهمية كبرى في عمل المؤسسة التشريعية. ما السبل الكفيلة بتعزيز دور ممثلي الأمة على هذا الصعيد ؟
لا بد هنا أن نستحضر مضامين الرسالة السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمناسبة الذكرى 60 لقيام البرلمان، حينما سجل جلالته إرتياحه بخصوص الدبلوماسية البرلمانية في الدفاع عن المصالح العليا للمملكة، بما في ذلك قضية الوحدة الترابية، و كذا فيما يخص التعريف بمختلف الإصلاحات و الأوراش التي تشهدها البلاد.
و هي مناسبة لكي أنوه بالإهتمام الكبير الذي يوليه رئيس مجلس النواب، لموضوع الديبلوماسية البرلمانية، و حرصه على مشاركة جميع مكونات المجلس.
و عودة إلى سؤالكم، يمكننا تطوير العمل الديبلوماسي البرلماني، بشكل أكبر، في نظري، من خلال الحرص بكل الطرق على توفير الشروط السياسية و القانونية و المسطرية اللازمة، لكي يضم البرلمان أكفأ الطاقات، خاصة أن المؤسسة التشريعية لها صلاحيات مصيرية في كل المجالات، بما فيها مجال الدبلوماسية.
كما يمكن تطوير العمل الديبلوماسي للبرلمان من خلال حرص وزارة الشؤون الخارجية على تنظيم تكوينات لفائدة البرلمانيين، حسب الشعب التي ينتمون إليها، لا سيما فيما يتعلق بتعميق المعلومات و الإرتقاء بأساليب الترافع، لأن الأمر يتعلق بمهمة وطنية، فضلا عن ربط جسور التواصل و التبادل بين الديبلوماسية الرسمية و الديبلوماسية الحزبية، فالديبلوماسية اليوم هي ديبلوماسيات (رياضية، و ثقافي، و حزبية، و إعلامية، و إقتصادية، و شبابية، و برلمانية، و سياحية، و إيكولوجية، و روحية…).
و طالما أن لكل حزب مرجعية تمنحه إمكانيات لربط علاقات و روابط مع أحزاب ذات نفس المرجعية في بلدان أخرى، فإن الأحزاب يمكنها أن تلعب أدوارا أقوى في هذا الصدد، من خلال برلمانييها، بمواكبة و دعم وزارة الشؤون الخارجية.