احتضنت العاصمة المغربية الرباط، يوم أمس الأربعاء، أشغال الدورة العشرين لاجتماع كبار المسؤولين لمنتدى التعاون العربي الصيني، إلى جانب الدورة التاسعة للحوار السياسي الاستراتيجي على المستوى نفسه، وذلك في إطار تعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الدول العربية وجمهورية الصين الشعبية.
وعرفت هذه الاجتماعات مشاركة كبار المسؤولين وممثلي وزارات الخارجية بالدول العربية، إضافة إلى وفد صيني رفيع المستوى يمثل مختلف القطاعات والمؤسسات المعنية، إلى جانب مسؤولي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
ويأتي تنظيم هاتين الدورتين بالمغرب تجسيدا للرؤية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الرامية إلى ترسيخ التعاون العربي-الصيني، وفق مبادئ الاحترام المتبادل، والتضامن، والتنمية المشتركة.
وشكلت الاجتماعات مناسبة لبحث سبل تطوير الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، خاصة في ظل التحولات الدولية الراهنة، حيث جدد الطرفان التزامهما بتوسيع مجالات التعاون، لا سيما في القطاعات الاقتصادية والسياسية والثقافية، ومواصلة التشاور في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتوجت هذه الدورة باعتماد وثيقة ختامية عبر فيها الجانبان عن دعمهما للجهود التي يبذلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس، في الدفاع عن القضية الفلسطينية ودعم صمود سكان القدس، مشيدين بدور وكالة بيت مال القدس.
كما تم التأكيد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، مع الإشادة باستضافة المغرب لاجتماع التحالف الدولي لتطبيق حل الدولتين.
وفي سياق متصل، نوه المشاركون بالمبادرات الإقليمية التي أطلقها جلالة الملك، ومنها المبادرات الأطلسية، معتبرينها رافعة للتكامل الاقتصادي والاستقرار في المنطقة.
كما تم إبراز الجهود المغربية في مجالات السلم والأمن، لا سيما من خلال رئاسة المملكة للمؤتمر السادس حول إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وكذا رئاستها للجنة الأمم المتحدة لاستخدام الفضاء للأغراض السلمية.
وتطرق الجانبان لأهمية تعزيز التعاون في مواجهة التحديات الأمنية، خاصة تلك المرتبطة بالجريمة العابرة للحدود والإرهاب والانفصال، مجددين إدانتهم لجميع أشكال الإرهاب، ومشيدين باحتضان المغرب لمكتب برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب والتدريب في إفريقيا.
وفي الشأن الإقليمي، أعرب الطرفان عن دعمهما للحل السياسي للأزمات في العالم العربي، خاصة الوضع في ليبيا، حيث تمت الإشادة بدور المملكة المغربية في دعم الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات سنة 2015.
وعلى المستوى الاقتصادي، جدد الجانبان التزامهما بتعزيز التعاون في إطار مبادرات صينية كـ”الحزام والطريق” و”مبادرة التنمية العالمية”، وتشجيع الاستثمارات الصينية في الدول العربية، مع التركيز على القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا، الطاقة المتجددة، الصحة، والسياحة.
كما تمت الإشادة بمجهودات المركز الدولي للذكاء الاصطناعي “حركة الذكاء الاصطناعي” التابع لجامعة محمد السادس، إلى جانب نتائج الدورة الرابعة للمؤتمر الوزاري العالمي حول السلامة الطرقية المنعقد بمراكش، وقيادة المغرب الناجحة للدورة السادسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة.
وعلى الصعيد الثقافي والاجتماعي، تم التأكيد على أهمية تعزيز التعاون في مجالات الثقافة، تمكين المرأة، السياسات الاجتماعية، الشباب والرياضة، مع الترحيب باستضافة المغرب لكأس العالم 2030 إلى جانب إسبانيا والبرتغال، والمملكة العربية السعودية لمونديال 2034.
واختُتمت الاجتماعات بالتأكيد على أن نتائج هاتين الدورتين ستشكل لبنة جديدة نحو تعزيز الشراكة العربية-الصينية، التي يُنظر إليها كمنصة استراتيجية للحوار والتعاون المثمر في مختلف المجالات.