إحتضن موقع شالة الأثري بالعاصمة الرباط، يوم الثلاثاء، إحتفالاً رسمياً بمناسبة مرور عشر سنوات على إنطلاق التعاون المغربي-الإيطالي في مجال صيانة و تثمين التراث الأثري بالمملكة (2015-2025)، في إطار شراكة مثمرة بين البلدين.
و جرى تنظيم هذا الحدث بحضور مسؤولين رفيعي المستوى من المغرب و إيطاليا، حيث شكل مناسبة للوقوف على حصيلة المشاريع المنجزة في إطار هذا التعاون الذي يندرج ضمن إتفاق تحويل الدين إلى إستثمارات عمومية، الموقع بين حكومتي البلدين سنة 2013.
و قد همّت هذه المشاريع مواقع أثرية رئيسية مثل شالة و وليلي و ليكسوس، و خصص لها غلاف مالي بلغ ثلاثة ملايين يورو.
و أكد وزير الشباب و الثقافة و التواصل، محمد المهدي بنسعيد، في كلمته خلال الحفل، أن العلاقات المغربية-الإيطالية تُعدّ “نموذجاً للتعاون الثقافي المتجذر”، مبرزاً أن البلدين يجمعهما شغف مشترك بالثقافة والابتكار الفني، و هو ما جعل من الثقافة ركيزة أساسية في تاريخهما المشترك.
و شدد الوزير على أن المغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، إختار نهجاً تنموياً شاملاً يضع الثقافة و الرأسمال البشري في صلب أولوياته.
و أوضح بنسعيد أن المدرسة الأركيولوجية الإيطالية تُعد من بين الأبرز عالمياً، لتميزها في إستخدام التكنولوجيات الحديثة في ترميم و تثمين التراث، مضيفاً : “نحن نعمل معاً على توظيف الرقمنة و الذكاء الإصطناعي لإخراج التراث من صمته و تحويله إلى حوار حي مع الجمهور”.
من جانبه، عبّر السفير الإيطالي بالمغرب، أرماندو باروكو، عن إعتزازه الكبير بمرور عشر سنوات على هذا التعاون النموذجي، الذي يعكس عمق العلاقات الثقافية بين البلدين.
و أشار إلى أن هذا التعاون يندرج ضمن تاريخ مشترك في منطقة البحر الأبيض المتوسط، مؤكداً أن الجالية المغربية في إيطاليا، بصفتها الأكبر من خارج أوروبا، تُمثّل نموذجاً ناجحاً للإندماج و تُعد مصدر فخر لكلا البلدين.
أما مديرة الوكالة الإيطالية للتعاون من أجل التنمية، إيزابيلا لوكافيري، فقد شددت على أن هذا التعاون يأتي ضمن أولويات برامج الوكالة بالمغرب، مبرزة أن مشاريع صيانة التراث الأثري نُفذت بشراكة مع مديرية التراث بوزارة الثقافة، و شملت ثلاثة من أهم المواقع الأثرية بالمملكة.
كما تم في هذا الإطار توقيع إتفاقيات مع جامعة سيينا و المعهد المركزي للترميم بروما لتبادل الخبرات و توظيف تقنيات ترميم متقدمة.
و أكدت ممثلة وزارة الإقتصاد و المالية المغربية، من جهتها، أن هذا التعاون يُجسد إلتزاماً مشتركاً بالحفاظ على التراث الثقافي، و يمثل نموذجاً ناجحاً لنقل الخبرات و المعرفة في مجال الترميم، خاصة عبر الشراكات مع مؤسسات إيطالية مرجعية.
و تخلل الإحتفال حفل موسيقي أوبرالي أحيته مواهب شابة من أكاديمية كيجانا الإيطالية، قدّمن خلاله مقطوعات خالدة لكبار مؤلفي الأوبرا مثل موزارت، روسيني، فيردي و بيلييني.
و يُذكر أن التعاون المغربي-الإيطالي ساهم في ترميم المدرسة المرينية و الموقع الأثري بشالة إستناداً إلى دراسات متخصصة من جامعة سيينا.
كما شمل ترميم قصر غورديان و ممرات الزيارة و أرضيات الفسيفساء بمنزل فينوس في موقع وليلي الأثري، بالإضافة إلى ترميم المسرح والمجمع القصري بموقع ليكسوس، إعتماداً على دراسات أثرية و معمارية دقيقة.