في بداية إجتماعه الدوري، ليوم الثلاثاء 19 نونبر 2024، إستحضر المكتبُ السياسي لحزب التقدم و الإشتراكية، بعميق الفـــخـــر، حُلولَ الذكرى التاسعة و الستين لإستقلال بلادنا، بما تحمله هذه الذكرى المجيدة من دلالاتٍ رمزية قوية تَصِلُ الماضي بالحاضر والمستقبل.
و بمناسبة تخليد هذه الذكرى الفارقة في مسار الكفاح الوطني التحرري، بتلاحُمٍ ملحمي بين العرش و الشعبِ و القوى الوطنية الحية، يُعربُ الحزبُ عن يقينه في قُــــدرةِ المغرب و المغاربة على مواصلةِ المُضيِّ قُدُماً في توطيد الوحدة الترابية لبلادنا إرتكازاً على جبهةٍ داخلية متينة ديموقراطيا و إقتصاديا و إجتماعيا.
مشروع قانون المالية ضعيف و ممارسات مُــضِرَّة بالفضاء الديموقراطي لحكومةٍ متغولة.
من جانبٍ آخر، تناول المكتبُ السياسي مجريات المناقشة و التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2025 بمجلس النواب. و أكد على أن رفضَ حزبِ التقدم و الإشتراكية لهذا المشروع راجعٌ إلى أنَّ هذا الأخير، على الرغم من بعض إيجابياته القليلة في المجال الجبائي و الإستثمار العمومي و الماء و دعم تمويل الجماعات الترابية، فإنه جاء، على غـــرار سابقيه الثلاثة، ضعيفاً و بعيداً عن أن يشكِّل جواباً شافياًّ على المعضلاتِ الإجتماعية و التحديات الإقتصادية.
في هذا السياق، يستغربُ حزبُ التقدم و الإشتراكية من تَبَجُّحِ الحكومة بمشروع قانون مالية 2025، علماً أنه يُكرِّسُ نفس سياساتها الفاشلة، أساساً من حيث تصاعُدُ الإحتقانات الإجتماعية في أوساط معظم القطاعات و الفئات؛ و تدهور القُــدرة الشرائية و غلاء الأسعار و إرتفاع البطالة، بشكلٍ غير مسبوق؛ و تعثر الإستثمار و تَعَمُّق صعوباتِ المقاولات؛ و تَراجُعِ مؤشرات الفَساد؛ و الإخفاق في تحقيق السيادة الإقتصادية، طاقيا و غذائيا و صناعيًّا؛ و الإختلالات الملموسة التي يعرفها تفعيلُ ورش الحماية الإجتماعية.
أمام ذلك كله، و ما تمَّ تسجيلُهُ من رفضِ الحكومة لكل التعديلات الجوهرية التي تقدمت بها مكوناتُ المعارضة، إستهجنَ المكتبُ السياسي إصرارَ بعض أعضاء هذه الحكومة على إعتمادِ خطابٍ يَفتقدُ إلى أدنى مستلزمات اللياقة و النضج السياسي، و ينبني على رفضٍ مطلق و حساسيةٍ مفرطة إزاءَ أيِّ صوتٍ نقدي مُعارِض، بما يؤكد الضعف السياسي الكبير، عموماً، لهذه الحكومة و عدم تشبعها بثقافة التعددية و أُصولِها و بممارسة الديموقراطية و متطلباتها.
على هذا الأساس، يُنبِّهُ حزبُ التقدم و الإشتراكية إلى خُطورةِ تمادي الحكومة في تَغَوُّلِها الذي يدفعها إلى الإعتقاد الخاطئ و المتوهِّم بإمكانية فِعل ما تشاء بإستعلاءٍ، دون إنصاتٍ لنبض المجتمع و قواه الحية، و في تجاهُلٍ لأيِّ مقاربةٍ سياسية من شأنها الإسهامُ في إستعادة الثقة و المصداقية، و في ردِّ الإعتبار للفضاء السياسي الذي لن يستقيمَ الإستمرارُ في إخضاعه لمنطقِ ملء الفراغ بالمال و الفساد و الإفساد.
و ما يزيدُ الأمر خطورةً هو إمعانُ الحكومة في تكريسٍ ممارساتٍ مُضِرَّةٍ بسلامة و متانةِ الحياة السياسية و المؤسساتية الوطنية، من خلال تحقير أدوار و آراء الهيئات الوطنية للحكامة و التهجُّمِ عليها؛ و السعي، بأشكال غير سليمة، نحو التأثير سلباً على وسائل الإعلام التي من أدوارها الأساسية المجتمعية إبرازُ التفاعلاتِ الطبيعية للرأي العام مع تدبير الشأن العمومي.
في ظل هذا الوضع، و في سياق مخرجات الجامعة السنوية للحزب حول موضوع “السياسة أولاً.. لإنجاح المشروع الديموقراطي التنموي”، يؤكد حزبُ التقدم و الإشتراكية على أنه سيتحمل كاملَ مسؤوليته في التصدي لتوجُّهات هذه الحكومة و مقارباتها السلبية، من خلال إتخاذ كل ما يلزم من خطوات و مبادرات، لأجل تجميع و توسيع جهود القوى السياسية و الفعاليات المجتمعية، الحية و الجادة، على إختلاف مجالاتِ فِعلِها و حُــقولِ إشتغالها، بغاية دفع هذه الحكومة نحو الإنصاتِ إلى نبض المجتمع، و نحو تغيير سياساتها إيجاباً على كافة المستويات.
في هذا الإطار، يُـــوجِّهُ حزبُ التقدم و الإشتراكية نداءً حاراًّ إلى كافة القوى الوطنية الديموقراطية و الفعاليات المدنية، من أجل النهوض بالتنسيق و العمل المشترك، لمواجهة الممارسات الحكومية المتغولة و المضرة بمسارنا الديموقراطي الوطني.
على المنتظم الدولي تحمل مسؤولياته بجدية لإيقاف حرب الإبادة القذرة على فلسطين و العدوان على لبنان.
من جانبٍ آخر، تناول المكتبُ السياسي لحزب التقدم و الإشتراكية تطوراتِ الأوضاعِ في فلسطين وفي لبنان. و جدَّدَ إدانتَهُ الشديدة لإستمرار سعيِ الكيان الصهيوني إلى إجتثاث الشعب الفلسطيني من أرضه، و تطهيره عرقيًّا، و إبادته الجماعية، و إقبار وجوده و حقوقه، و ذلك من خلال مواصلة إقترافِ جرائم الحرب، و التجويع، و التقتيل، و التنكيل، و التهجير، و منع المساعدات، إلى درجة حظر أنشطة وكالة غوث و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بلا حسيبٍ ولا رقيب. كما أكد الحزبُ إدانتَهُ القوية لإستمرار العدوان الصهيوني الغاشم على لبنان الشقيق، من خلال مواصلة الغارات الجوية و محاولات التوغل البري.
في هذا السياق، نَوَّهَ المكتبُ السياسي بالتقرير الأخير للجنة الأمم المتحدة الخاصة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية، أساساً من حيثُ إعتبارِهِ حربَ إسرائيل في غزة تتوفر على كل خصائص الإبادة الجماعية.
أنَّ هذا التقرير هو تأكيدٌ جديدٌ على أنَّ المنتظمَ الدولي مُلزَمٌ بالعمل، بجدية ملموسة و ليس من خلال التصريحات فقط، على إيقاف الحرب الصهيونية القذرة على فلسطين، و توفير الحماية للشعب الفلسطيني، و أيضاً وضع حدٍّ للعدوان الغاشم على لبنان.
على وجه التحديد، أعاد المكتبُ السياسي إستحضار المضامين المتقدمة للبيان الختامي لقمة الدول العربية و الإسلامية الأخيرة، منادياًّ إلى بلورة المواقف في شكل مبادراتٍ مشتركة، قوية و ناجعة و مؤثرة، لدفع المنتظم الدولي نحو إيقاف جرائم حرب إسرائيل في فلسطين، و عدوانها على لبنان، بأفق تقديم مجرمي الحرب الصهاينة أمام العدالة الجنائية الدولية، و كذلك بأفق إقرار كافة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني المقاوم، و ضمان سيادة لبنان و أمنه و سلامة مواطنيه.
في هذا السياق، يوجه حزبُ التقدم و الإشتراكية تحيته العالية إلى كل التعبيرات، وطنيا و دوليا، المسانِدة لقضية الشعب الفلسطيني المقاوِم، و المندِّدَة بالكيان الصهيوني و ممارساته الإجرامية التي تقتضي رفضَ أيِّ علاقاتٍ و إيقافَ أيِّ تطبيعٍ معه.