العدالة والتنمية ينتقد الحكومة ويحذر من التراجع الديمقراطي ويجدد رفضه للتطبيع

0

عقدت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية اجتماعها العادي يوم السبت 16 محرم 1447هـ الموافق لـ 12 يوليوز 2025م، برئاسة الأمين العام الأستاذ عبد الإله ابن كيران. وقد خُصص هذا الاجتماع، الذي افتتح بتلاوة آيات من القرآن الكريم، لعرض ومناقشة تقارير حول المستجدات الوطنية والدولية، والعمل الحكومي، والشأن البرلماني، والقضايا الحزبية.

في ختام نقاش مستفيض، عبرت الأمانة العامة عن دعمها الثابت لسياسة المملكة في تدبير ملف الوحدة الترابية تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله. وشددت على أن قضية الصحراء المغربية تظل من الأولويات الوطنية الكبرى التي لا تقبل بأي حال من الأحوال أن تتحول إلى موضوع مزايدات أو مناوشات سياسية بين الفرقاء السياسيين. وأشارت إلى أن بعض الأصوات، بما في ذلك الحزب الذي يقود الحكومة ورئيسه، يكاد لا يسمع لها صوت أو موقف في القضايا الحيوية، داعية الجميع إلى الابتعاد عن استخدام ملف الصحراء كوسيلة للهروب من مناقشة السياسات العمومية ومعالجة الإشكالات الحقيقية التي تؤرق المواطنين. وأكدت الأمانة العامة أن موقف الحزب ينبني على الثقة الكاملة بعدالة قضية الوحدة الترابية، والحرص على لمّ شمل أبناء الوطن الواحد، انسجاماً مع الخطاب التاريخي للملك الراحل الحسن الثاني “إن الوطن غفور رحيم”، وكذا مع المبادرة المغربية للحكم الذاتي التي تكرس السيادة الوطنية وتؤكد على وحدة التراب المغربي.

وفي سياق متصل، أدانت الأمانة العامة بأشد العبارات الضغوط والترهيب الذي يتعرض له مسؤولون أمميون وفاعلون حقوقيون من قبل الكيان الصهيوني والإدارة الأمريكية لدفعهم إلى التنكر لواجباتهم الإنسانية والتستر على جرائم الاحتلال في غزة. وتوقفت بشكل خاص عند الحملة التي استهدفت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في فلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، بعد تقريرها المقدم للدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، والذي فضح تورط مؤسسة أمريكية تعمل تحت غطاء إنساني في تحويل توزيع المساعدات في غزة إلى “مصيدة موت” أدت إلى مقتل أكثر من 800 فلسطيني. وجدد الحزب رفضه المطلق للتطبيع مع الكيان الصهيوني، ودعا إلى إغلاق مكتب الاتصال الصهيوني بالرباط وطرد ممثلي هذا الكيان، ووقف جميع أشكال التعاون معه. كما حيّى يقظة الأساتذة الجامعيين الذين تصدوا لمحاولات اختراق الجامعة المغربية عبر أنشطة مريبة خلال المنتدى الخامس للسوسيولوجيا. وأدان بشدة محاولات تمرير قيم دخيلة على المجتمع المغربي، والتي لا تقل خطورة عن الاختراق السياسي والثقافي، إلى جانب التنديد بما قام به بعض المحسوبين على الأئمة والخطباء في أوروبا من تبييض وجه الاحتلال الصهيوني في عز الجرائم التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني، واعتبر ذلك خيانة عظمى تستوجب التراجع عنها فوراً.

في الشأن الثقافي، عبرت الأمانة العامة عن رفضها لما وصفته بسياسة الانحطاط الفني، مستنكرة ما حدث خلال مهرجان “موازين” من احتفاء بأشخاص يروجون لخطاب هابط ومبتذل يتعارض مع القيم المغربية الأصيلة، كما انتقدت القناة الثانية لتعميم هذا النوع من “التفاهة”، معتبرة أن ذلك يعكس انفلاتاً قيمياً وأخلاقياً يهدد النسيج الثقافي الوطني.

وفي ما يتعلق بحرية التعبير والصحافة، عبر الحزب عن رفضه لمشروع القانون الحكومي المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة والنشر، معتبراً إياه تراجعاً خطيراً عن مبدأ التنظيم الذاتي للقطاع والتفافاً على المكتسبات الديمقراطية والدستورية. كما نبه إلى خطورة تسليم الإعلام لشركات الإشهار، وهو ما يهدد التعددية ويقوض حرية الرأي والتعبير.

وفيما يخص مسيرة ساكنة أيت بوكماز بإقليم أزيلال، أوضحت الأمانة العامة أنها لم تكن على علم مسبق بالمسيرة، لكنها أكدت مجدداً حرص الحزب على الوساطة المؤسساتية كمسلك للتعبير عن المطالب المشروعة، معربة عن رفضها لما أسمته “الحملات الإعلامية المغرضة” التي استهدفت الحزب ورئيس جماعة تبانت خالد تيكوكين. وأشادت الأمانة العامة بالنضج والمسؤولية التي طبعت هذه المسيرة السلمية، مثمنة تعامل السلطات الترابية الذي اتسم بالحوار والتفاعل الإيجابي مع مطالب الساكنة، وداعية الحكومة والجماعات الترابية إلى انتهاج سياسة القرب والإنصات، بعيداً عن الحسابات الحزبية الضيقة.

كما سجلت الأمانة العامة رفضها لتصرفات بعض رجال السلطة الذين يمنعون الأحزاب الوطنية من استعمال القاعات العمومية لعقد أنشطتها، معتبرة ذلك انتهاكاً للدستور وتراجعا عن المكتسبات الديمقراطية، وطالبت وزارة الداخلية بوضع حد لهذه الممارسات.

أما بخصوص العمل الحكومي، فقد اعتبرت الأمانة العامة أن رئيس الحكومة يعاني من عجز واضح في تدبير الملفات الكبرى، ويتغيب عن جلسات البرلمان في خرق سافر للدستور، مؤكدة أن تبريره لتضارب المصالح والدفاع عن استفادة شركاته وأقربائه من الصفقات العمومية يمثل خرقاً لمبادئ الحكامة الجيدة. وشددت على أن مناخ الاستثمار في المغرب لا يرتبط بشبكات المصالح الضيقة بل بثقة المستثمرين في استقرار البلاد وقيادتها ورسوخ مؤسساتها، مستحضرة في ذلك الخطاب الملكي الذي نبه إلى خطورة استغلال النفوذ لتحقيق مصالح خاصة.

كما دعت الأمانة العامة إلى تفعيل خلاصات وتوصيات المجالس الدستورية، خصوصاً ما يتعلق بتوصيات المجلس الأعلى للتربية والتكوين بخصوص إصلاح التعليم العالي، مشيرة إلى أن المشروع الحالي للحكومة يفتقر إلى رؤية استراتيجية قادرة على إعداد جيل جديد من الكفاءات وتطوير البحث العلمي بما يخدم التنمية الشاملة.

وفي ختام اجتماعها، عبرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عن قلقها من الوضعية العامة للبلاد في ظل ما وصفته بتفاقم الاختلالات وغياب الإرادة الحقيقية للإصلاح، مجددة التزامها بالاستمرار في الدفاع عن مصالح المواطنين والتصدي لكل الممارسات التي تضر بالديمقراطية والمصلحة الوطنية.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد