قالت الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، أمس الثلاثاء 2 ماي 2023، إن نجاعة أداء التدبير العمومي كمقاربة جديدة لم تبلغ بعد كل أهدافها من حيث الأجهزة العمومية المطبقة عليها.
وأوضحت العدوي، خلال جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان خصصت لتقديم عرض عن أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2021، أن نجاعة الأداء لا تطبق سوى على الميزانية العامة للدولة بمكوناتها الثلاثة، أي الميزانية العامة ومصالح الدولة المسيرة بطريقة مستقلة والحسابات الخصوصية للخزينة، في حين لم يتم بعد التفكير في تنزيل هذه الإصلاحات بصفة مباشرة على مستوى المؤسسات والمقاولات والشركات العمومية والجماعات الترابية.
وأشارت إلى أن تملك منهجية نجاعة الأداء من طرف بعض الأجهزة والمؤسسات العمومية يظل محدودا، وأن مناقشة مشاريع التقارير القطاعية لنجاعة الأداء أثناء التصويت على قوانين المالية لا تحظى بالاهتمام اللازم، مضيفة أن التقرير السنوي حول نجاعة الأداء المعد من طرف الوزارة المكلفة بالمالية لا يقدم إلى البرلمان إلا بعد حوالي سنتين من نهاية السنة المعنية بمناسبة التصويت على قانون التصفية، وهو الأمر الذي يحد من راهنية المساءلة أمام البرلمان بخصوص نجاعة الأداء ولا يعزز النقاش بشأنها.
وفيما يتعلق بمؤشرات قياس نجاعة الأداء، ومن أجل إعطاء صورة واضحة حول النجاعة، أكدت العدوي على ضرورة مراجعة عددها (بلغ 804 مؤشرا سنة 2022) وكذا إعادة النظر في طبيعتها من حيث الجودة والملاءمة مع منطق النتائج.
وأضافت أنه على المستوى العملي، ما زالت بعض الجوانب تحتاج إلى تحسين، مشيرة في هذا السياق إلى أن إرساء مقاربة نجاعة الأداء لم يواكبها، بصفة عامة، توفير بعض الآليات الضرورية من أجل الرفع من النجاعة، ولا سيما إرساء نظام فعال للمراقبة الداخلية ولمراقبة التسيير واعتماد نظام للرصد والإبلاغ وأنظمة معلوماتية ملائمة تعمل في إطار مندمج يوفر التوظيف المشترك للمعطيات وتبادلها.
وشددت في هذا السياق على الحاجة إلى توفير الشروط الاستباقية اللازمة لتعزيز نجاعة الأداء، خاصة في أفق مراجعة نظام مسؤولية المدبرين العموميين الذي مازال يستند في أغلب مجالاته على التدبير القائم على الوسائل، وعلى ضرورة إرساء آليات للتعاقد بين وزارة الاقتصاد والمالية ومختلف القطاعات الحكومية، وكذا بين هذه الأخيرة ومصالحها اللاممركزة من أجل تحديد أهداف مختلف السياسات القطاعية ووسائل تنزيلها والآجال المرتبطة بذلك.
وفي الجانب المتعلق بالمالية العمومية، أكدت العدوي أن التصديق على حسابات الدولة يعتبر مدخلا أساسيا من أجل تعزيز الشفافية، فضلا عن وظيفته في تكريس جودة المعطيات المالية والمحاسبية والأهمية الخاصة التي يحظى بها لدى المؤسسات المالية الدولية والشركاء والمستثمرين ووكالات التصنيف العالمية.
وأشارت إلى أن التصديق على حسابات الدولة يعتبر من بين المهمات ذات الطبيعة المركبة، وهو ما يفسر أن عدد البلدان التي اعتمدت هذه الآلية على المستوى الدولي لا يتجاوز 30 بلدا، وعلى المستوى القاري ثلاث دول فقط.
وسجلت أنه رغم دخول مقتضيات القانون التنظيمي المرتبطة بعملية التصديق على حسابات الدولة حيز التنفيذ اعتبارا من فاتح يناير 2020، فإن هذه العملية ما زالت لم تستكمل بعد جميع مراحلها، لافتة إلى أن المجلس لم يتوصل بالمكونات الأولى لحساب الدولة برسم سنة 2020 إلا ابتداء من تاريخ 27 ماي 2022، مع استمرار عملية الإدلاء بالعناصر اللازمة لمباشرة عملية التصديق من طرف المجلس.
وقصد مواكبة هذا الورش الإصلاحي الذي يكتسي طابعا استراتيجيا على مستوى المالية العمومية، دعت الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات إلى الحرص على إرساء آليات للتنسيق بين الأطراف المعنية بإعداد هذه الحسابات وضمان تكامل أنظمة المعلومات وتلاؤمها من أجل تيسير تبادل المعلومات فيما بينها، وتعزيز آليات الرقابة الداخلية، خاصة على مستوى الجوانب المالية والمحاسبية، والإسراع بتفعيل مشروع “إرساء أنظمة الرقابة الداخلية” على مستوى الإدارات العمومية.
كما أوصت باستكمال المحاسبة الميزانياتية للدولة بالمعطيات والبيانات اللازمة لتحديد أصولها، واعتماد استراتيجية لقيادة التغيير مرتبطة بالانتقال من المحاسبة الميزانياتية القائمة على التدفقات النقدية إلى المحاسبة العامة المبنية على أساس الاستحقاق.
فضلا عن ذلك، أكدت العدوي على أن القانون التنظيمي يحتاج إلى مراجعة وتوضيح للمقتضيات ذات الصلة بالإدلاء بحسابات الدولة وكذا تلك المتعلقة بعملية التصديق، خاصة على مستوى الجوانب المرتبطة بالآجال وبكيفيات تبليغ “تقرير عمليات التصديق” والجهات التي يوجه إليها هذا التقرير ضمن مسطرة المصادقة على قوانين التصفية.
وبخصوص الإصلاح الجبائي، أوصت العدوي بتحديد أفق وجدول زمني لإصلاح الضريبة على الدخل والضريبة على القيمة المضافة، على غرار الضريبة على الشركات، والعمل على بلورة وتنفيذ خارطة طريق لتنزيل الإصلاح المتعلق بمراجعة جبايات الجماعات الترابية والرسوم شبه الضريبية، داعية إلى إجراء تقييم دوري للأثر الاجتماعي والاقتصادي للحوافز الممنوحة من أجل توجيه القرار بشأن “الاحتفاظ بها أو مراجعتها أو حذفها حسب الحالة”، وفقا لما نص عليه القانون الإطار ودعم ا لعملية توسيع الوعاء الضريبي.