اختتم مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، الدورة الأولى من السنة التشريعية 2022-2023 للولاية التشريعية الحادية عشرة (2021-2026).
وقال رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، في كلمة خلال الجلسة الختامية، إن أجهزة المجلس، معارضة وأغلبية، حرصت على التفاعل مع قضايا المملكة الحيوية ومع انشغالات المواطنين، وساهمت من موقعها الدستوري والمؤسساتي في إيجاد الأجوبة التشريعية والمواكبة الرقابية والتقييمية، وفي إطار الدبلوماسية البرلمانية، لهذه القضايا.
وأضاف الطالبي العلمي أن المجلس، تمثل في كل ذلك بالدرجة الأولى، توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس الواردة على الخصوص في الخطاب الذي وجهه جلالته إلى الأمة بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية 2022-2023، وباقي الخطب الملكية السامية والتوجيهات الملكية في عدة مناسبات وطنية.
وتابع قائلا، إن “المملكة واصلت، بقيادة صاحب الجلالة، تموقعها الإقليمي والقاري والدولي، وتكريس حقوقها المشروعة في تثبيت وحدتها الترابية بإعادة إقرار مزيد من القوى النافذة في القرار الدولي، وأشقائنا في إفريقيا، والعالم العربي والإسلامي، وأصدقائنا عبر العالم، بمصداقية وجدية مخطط الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية المسترجعة كحل وحيد للنزاع المفتعل حول الأقاليم الجنوبية المغربية”.
وتوقف رئيس مجلس النواب، في هذا السياق، عند تواصل الاعتراف بنجاعة المشاريع الإنمائية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والرياضية المُنجزة في الأقاليم الجنوبية وانعكاساتها الإيجابية على الخدمات المقدمة للمواطنين، معربا عن الاعتزاز بكون “التقارير المقرة بهذه الحقيقة صادرة، هذه المرة، عمن كانوا يتغافلون مردودية العائد الاجتماعي والبشري للاستثمارات العمومية في هذه الأقاليم التي تغير وجهها العمراني وأضحت مجال جذب للاستثمارات الوطنية والدولية ونموذجا لجودة الحياة والازدهار”.
وسجل الطالبي العلمي أنه “بالرغم من الظرفية الدولية الاستثنائية بكل تداعياتها على الإنفاق العمومي الوطني الذي يزداد بفعل ارتفاع أسعار المواد الأولية والمواد الغذائية في سياق عالمي مضطرب، لا تختلف وتيرة النهضة التنموية في باقي أقاليم المملكة كثيرا عن الجاري تحقيقه في الأقاليم الجنوبية التي تبقى نموذجا يحتدى به”، مبرزا أن المملكة تواصل تقدمها كقوة صاعدة، ويسجل الاقتصاد الوطني أداء يستحق التقدير رغم الظرفية الدولية الصعبة.
ولفت إلى أن “هذا الاقتدار والتموقع الجديد للمغرب إقليميا وقاريا ودوليا، يثير حنق جهات خارجية تعبىء العديد من الإمكانيات ووسائل الإعلام واللوبيات وتحشد الأصوات لمناهضة المملكة، لا لشيء سوى لأنها تشق طريقها بثبات، وعلى أساس القرار الوطني المستقل، نحو تموقع دولي متقدم مستندة إلى تاريخٍ عريق وديمقراطيةٍ مُتأصلة ونظام مؤسساتي صَلْب لُحْمَتُه ملكية دستورية تتمتع بكل الشرعيات التاريخية والروحية والسياسية”.
وسجل الطالبي العلمي أن هذا الحنق، وهذا الاستعداء “بلغ قمته” بإصدار ما سُمي توصية أو قرارا غير مُلزم من جانب جزء من الطيف السياسي بالبرلمان الأوربي يوم 19 يناير 2023 تحت مُسمى “احترام حرية التعبير والرأي بالمغرب”، مجددا التأكيد على الإدانة القوية لهذا الموقف، ورفض الافتراء والكذب على المملكة.
وأبرز في هذا الإطار، أن مواقف مختلف القوى السياسية والنقابية الممثلة في البرلمان الرافضة والمستنكرة لقرار البرلمان الأروبي، وكذا البيان الصادر عن الجلسة المشتركة الخاصة التي عقدها مجلسا البرلمان لمناقشته بتاريخ 23 يناير 2023، كانت بمثابة رد وطني بليغ وقوي “تكامل مع الرفضِ الرسمي والشعبي للتدخل في شؤوننا الداخلية، وأيضا مع الأصوات الحكيمة في البلدان الأوروبية التي فضحت خلفيات هذا القرار الشّارد من حيث محتواه وتوقيته”.
وبعد أن استحضر شواهد تاريخية تبرز عراقة وتعددية الممارسة الصحفية والإعلامية المغربية، أكد السيد الطالبي العلمي على أن “المشهد الإعلامي الوطني، ظل في كل الظروف منذ ما يقارب القرن، تعدديا وحرا وعاكسا لتعددية المجتمع المغربي السياسية والثقافية”، مبرزا أن “الصحفيين وكتاب الرأي الحقيقيين بالمغرب يدركون معنى الحرية التي ينعم بها الوطن”.
وقال رئيس مجلس النواب “إن المشهد السياسي والحزبي المغربي يغتني بأكثر من ثلاثين حزبا سياسيا، من مختلف التوجهات السياسية والفكرية وبخلفيات ومدارس فكرية وأيديولوجية مختلفة، لا تقل، تاريخا وعراقة وتنظيما وثراء فكريا عن نظيراتها في أوروبا”، مشددا على أن المغرب “ليس في حاجة إلى تلقي الدروس عن حرية الرأي والتعددية وصيانة حقوق الإنسان، ومردفا أن “موقف البرلمان الأوروبي لن يثنينا عن مواصلة حضورنا المتميز والمسؤول في المنظمات البرلمانية متعددة الأطراف الدولية والقارية والإقليمية”.
وخلص الطالبي العلمي إلى أن “التموقع المغربي الذي يزعج البعض، ليس معزولا عن قوة نموذجنا الديمقراطي والاقتصادي والاجتماعي المرتكز على قوة نموذجنا المؤسساتي وفي الإصلاحات التي ننجزها والتي يوجد مجلس النواب في صلبها و يواكبها و يؤطرها تشريعا ورقابة، وبما يكفله له الدستور من اختصاص في مجال تقييم السياسات العمومية”.