تظل أزمة الفقر والهشاشة الاقتصادية في المغرب من التحديات الكبرى التي تواجه المجتمع، حيث تشير الأرقام إلى أن أكثر من 4 ملايين مواطن مهددون بالفقر، فيما يرزح حوالي 1.42 مليون شخص تحت خط الفقر. هذه الأرقام الصادمة تلقي الضوء على مستوى هشاشة الوضع الاقتصادي الذي يعاني منه العديد من المواطنين، خاصة في المناطق القروية، التي تسجل أعلى نسب الفقر مقارنة بالمدن. أكثر من 900 ألف فقير يعيشون في الريف، في مقابل 512 ألفاً في الحضر، ما يعكس اتساع الفجوة بين المناطق وازدياد الفوارق الاقتصادية والاجتماعية.
رغم التحسن الهيكلي في مستوى المعيشة الذي يلاحظه البعض في المغرب، إلا أن هذا التحسن لم يكن كافياً للحد من التفاوتات بين الطبقات الاجتماعية. ففي الوقت الذي قد تحسن فيه وضع بعض الأسر، ما زالت فئات أخرى تعاني من الهشاشة، حيث تضاعف عدد الأسر التي تواجه خطر الفقر، مما يطرح تساؤلات حول فعالية السياسات الاجتماعية في الوصول إلى الفئات الأكثر احتياجاً. وبينما تتجسد الفجوة بين الأغنياء والفقراء بشكل أكثر وضوحاً، فإن السياسات الحكومية على الرغم من محاولاتها لتوسيع شبكة الأمان الاجتماعي، لم تكن قادرة على محاربة هذه الظاهرة بشكل جذري.
البرامج الاجتماعية، مثل التأمين الصحي الشامل، التي أطلقتها الحكومة، لا شك أنها تمثل خطوات هامة في مكافحة الفقر والهشاشة، ولكنها تظل في نظر الكثيرين غير كافية. فالعدد الكبير من الأسر التي لا يصل إليها الدعم بالشكل الأمثل أو تلك التي لا تستفيد بشكل مباشر من هذه البرامج يجعل الجهود الحكومية تواجه تحديات كبيرة. الدعم المالي الموجه للأسر الفقيرة، والذي يتراوح بين 500 و1000 درهم شهرياً، قد يكون مساعداً في التخفيف من حدة الفقر بشكل مؤقت، إلا أن الاستمرارية في هذا الوضع تشكل عبئاً على الموارد المحدودة وتزيد من التساؤلات حول استدامة هذه البرامج وقدرتها على إحداث تغييرات ملموسة.
ومع ذلك، تظل الرؤية المستقبلية بحاجة إلى المزيد من التحسينات. من أجل مواجهة هذه التحديات على المدى الطويل، يجب على الحكومة أن تركز على تنمية اقتصادية مستدامة تخلق فرص عمل حقيقية، خاصة في المناطق الأكثر تضرراً من الفقر. إلى جانب ذلك، فإن تكافؤ الفرص بين المناطق الحضرية والقروية يجب أن يكون أولوية، مع ضرورة تعزيز آليات التوزيع العادل للدعم الحكومي.
و تبقى الهشاشة الاقتصادية في المغرب مشكلة معقدة تتطلب معالجة شاملة تعزز من فعالية السياسات الاجتماعية وتقلص الفوارق الاقتصادية بين مختلف الفئات. وبينما توفر البرامج الحكومية بعض الدعم، تبقى الحاجة إلى إصلاحات هيكلية مستدامة ضرورية للحد من الفقر وتحقيق التنمية الشاملة التي تعود بالنفع على جميع المواطنين.