يترقّب اللبنانيون اليوم الإثنين 16 ماي الجاري صدور نتائج الانتخابات النيابية التي جرت الأحد. ويستبعد أن تحدث تغييراً كبيراً في المشهد السياسي العام. رغم النقمة التي خلّفتها سلسلة أزمات ومآسٍ متتالية منذ أكثر من سنتين. ويعتقد محللون أن هذه الانتخابات توفر فرصة للطبقة السياسية لإعادة إنتاج ذاتها. بسبب تجذّر السلطة والنظام السياسي القائم على المحاصصة وتحكّم النخب الطائفية بمقدّرات البلاد وحالة الإحباط العام.
وتميزت الانتخابات بمشاركة كثيفة ونشاط استثنائي للوائح معارضة تضم مرشحين من خارج الطبقة السياسية التقليدية. يرون أن تحقيق “خروق” ولو محدودة في لوائح الأحزاب النافذة والقوى المتجذرة في النظام السياسي، يعتبر انتصاراً. لكن نسبة المشاركة فيها كانت متدنية، إذ بلغت 41 بالمئة، وفق وزارة الداخلية. ويبلغ عدد الناخبين 3,9 ملايين.
وتأتي هذه الانتخابات وسط انهيار اقتصادي صنّفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وبات أكثر من ثمانين بالمائة من السكان تحت خط الفقر. وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من تسعين بالمائة من قيمتها أمام الدولار، ولامس معدل البطالة نحو ثلاثين بالمائة.
كما أتت بعد نحو عامين على انفجار الرابع من غشت 2020 الذي دمر جزءاً كبيراً من بيروت. وأودى بأكثر من مئتي شخص وتسبّب بإصابة أكثر من 6500 آخرين. ونتج الانفجار، وفق تقارير أمنية وإعلامية، عن تخزين كميات ضخمة من مواد خطرة تدور تحقيقات حول مصدرها، من دون أي إجراءات وقاية. وهو الاستحقاق الانتخابي الأول بعد سلسلة أزمات هزت لبنان خلال العامين الماضيين. بينها انهيار اقتصادي واحتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد السلطة وانفجار كارثي في بيروت. لكن عناصر عدة قد تحول دون ترجمة النقمة الشعبية ضد السلطة التي يحمّلها كثر مسؤولية الانهيار الاقتصادي وشلل المؤسسات. بينها القانون الانتخابي المفصّل لصالح الأحزاب التقليدية.
البرلمان اللبناني
ويضمّ البرلمان 128 نائباً. والغالبية في المجلس المنتهية ولايته هي لحزب الله وحلفائه. وأبرزهم التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية ميشال عون. وحركة أمل برئاسة رئيس البرلمان نبيه بري الذي يشغل منصبه منذ 1992.
وتحدثت ماكينات أحزاب ومجموعات معارضة ليلاً عن خروق في عدد من الدوائر، أبرزها دائرة في الجنوب عادة ما تكون كلّها من نصيب لائحة مشتركة بين حزب الله وحلفائه. وإن كان متوقعا أن تبقى الكفة مرجحة في البرلمان الجديد لصالح القوى السياسية التقليدية.
وشاركت في الانتخابات مجموعات معارضة ووجوه شابة أفرزتها احتجاجات شعبية غير مسبوقة في أكتوبر 2019 طالبت برحيل الطبقة السياسية.
وبدا منذ البداية أنه سيكون صعباً أن تترجم النقمة الشعبية في صناديق الاقتراع بسبب عوامل عدة. أبرزها نقص الموارد المالية لدى المعارضين وضعف الخبرة السياسية. وقانون انتخابي معقد مفصل على قياس الأحزاب التقليدية وتشتت المعارضة وعدم اتحادها في لوائح مشتركة.
وساهمت الأزمات، خصوصاً انفجار المرفأ، في إحباط شريحة واسعة من اللبنانيين، لا سيما الشباب الذين هاجر آلاف منهم.
وحافظت الأحزاب التقليدية التي تستفيد من تركيبة طائفية ونظام محاصصة متجذر، قواعدها الشعبية التي جيّشتها خلال الحملة الانتخابية. رغم النقمة التي زادتها عرقلة المسؤولين للتحقيق في الانفجار بعد الادّعاء على نواب بينهم مرشحان حاليان.
ويرجح اللبنانيون أن يحتفظ حزب الله وحركة أمل بالمقاعد المخصصة للطائفة الشيعية (27 مقعداً). لكن لا يستبعد محللون أن يخسر الحليف المسيحي الأبرز للحزب، أي التيار الوطني الحر، عدداً من مقاعده بعدما حاز وحلفاءه 21 مقعداً عام 2018.
كما جرت الانتخابات في غياب أبرز مكون سياسي سني بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي أعلن مقاطعة الاستحقاق. بعدما احتل الواجهة السياسية سنوات طويلة إثر مقتل والده رفيق الحريري في 2005.
ووثقت جمعية اللبنانيون من أجل ديمقراطية الانتخابات “لادي” التعرّض لمندوبيها في مناطق عدة بالتهديد أو الضرب، الجزء الأكبر منها في مناطق نفوذ حزب الله. وأظهرت مقاطع فيديو وصور مرافقة مندوبين عن حزب الله وحركة أمل ناخبين خلف العازل في بعض الأقلام الانتخابية.