في إطار جهودها المتواصلة لمحاربة التهرب الضريبي وتعزيز الشفافية المالية، شنت المديرية العامة للضرائب حملة غير مسبوقة استهدفت المقاولات الوهمية التي لا تزاول أي نشاط فعلي. وأسفرت هذه الحملة عن رصد وتعطيل أزيد من 250 ألف مقاولة “نائمة” لم تقدم أي تصريح ضريبي منذ تأسيسها.
وبحسب مصادر مطلعة، ركزت هذه العملية الموسعة على الشركات التي تتخذ من شركات التوطين واجهات صورية كمقرات اجتماعية دون أن تكون لها أنشطة تجارية حقيقية. وقد وجهت المديرية العامة للضرائب إشعارات رسمية إلى شركات التوطين، تطالبها بالكشف عن لوائح الشركات التي تعتمد على مقراتها كمواطن جبائية.
وحذّرت المديرية من أن شركات التوطين تتحمل مسؤولية قانونية مباشرة في حال تعذر التواصل مع هذه المقاولات، ما يجعلها عرضة للمساءلة الجبائية، خاصة في ما يتعلق بتحصيل الغرامات والضرائب الناتجة عن الفواتير المزورة.
وأوضحت المصادر ذاتها أن عدداً كبيراً من هذه المقاولات الوهمية ظلت لسنوات بمنأى عن الرقابة، مستفيدة من فراغ قانوني واستغلال لمقرات التوطين كوسيلة للحصول على صفة قانونية دون ممارسة أي نشاط فعلي أو امتلاك أصول قابلة للحجز.
في السياق ذاته، دعت المديرية شركات التوطين إلى تسليم بيانات دقيقة عن الشركات الزبونة لديها، خصوصاً تلك التي يشتبه في تورطها في أنشطة مشبوهة كترويج الفواتير المزورة. وأكدت أن هذه الشركات ستكون مسؤولة، بموجب مدونة تحصيل الديون العمومية، عن أداء الضرائب والغرامات المترتبة على هذه الممارسات الاحتيالية.
وتأتي هذه الإجراءات ضمن سلسلة من التدابير الصارمة التي اتخذتها المديرية للحد من تداول الفواتير المزورة، ومن بينها اشتراط الإدلاء بشهادة براءة الذمة الضريبية لقبول أي فاتورة ضمن المعاملات التجارية.
وتشير المعطيات إلى أن الفواتير المزورة التي تم ضبطها خلال الفترة الأخيرة تفوق قيمتها 3 مليارات درهم، وتعتزم الإدارة توجيه إشعارات للمتورطين تمهيداً لتحصيل المستحقات، مع منحهم فرصة لتسوية وضعيتهم بشكل طوعي. وفي حال عدم الامتثال، ستُباشر مساطر التحصيل الجبري، والتي قد تشمل الحجز على الأرصدة البنكية والممتلكات والأصول المنقولة.
بهذا التحرك الجريء، تؤكد المديرية العامة للضرائب عزمها مواصلة تطهير البيئة الاقتصادية من الكيانات الوهمية، وتحقيق العدالة الجبائية بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين.