أعلنت جمعية “العودة لضحايا سجون ومعتقلات البوليساريو”، التي تضم عشرات الناجين من جحيم الاعتقال في مخيمات تندوف، عن شروعها في إجراءات قانونية لمقاضاة قادة جبهة البوليساريو ومسؤولين جزائريين أمام محاكم دولية مختصة، بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
ويقود هذه المبادرة محمد مولود شويعر، أحد أقدم المعتقلين السابقين، الذي أكد أن هذه الخطوة القانونية تأتي لكشف ممارسات القمع التي استمرت لعقود فوق التراب الجزائري، وإيصال صوت الضحايا إلى المحافل الدولية من أجل تحقيق العدالة. شويعر، المقيم في مدينة طانطان، اختُطف سنة 1975 وهو في السادسة عشرة من عمره، واحتُجز قسرياً إلى حدود 1991 دون محاكمة، بعد أن كان ضمن أول مجموعة من أبناء القبائل الصحراوية المغربية الرافضين لمشروع الانفصال.
ويروي شويعر شهادات صادمة عن ما عاشه ورفاقه داخل معتقلات الرشيد والدهيبية ولحفر بالجزائر، من تعذيب جسدي ونفسي وتجويع وعمل قسري وحرمان من النوم، حيث صار الموت مشهداً يومياً. ويصف مخيمات تندوف بأنها “جهنم على الأرض”، مشيراً إلى حالات قتل أطفال أمام أسرهم، وإعدامات رمياً بالرصاص، وتوثيق عمليات دفن معتقلين أحياء بذريعة التجسس، إلى جانب تعذيب سجناء بأساليب وحشية بينها التعليق من الأعضاء التناسلية.
الجمعية، التي تأسست بمبادرة من شويعر وناجين آخرين، باشرت خطوات عملية بالتنسيق مع محامين دوليين ومنظمات حقوقية، لتحريك دعاوى دولية تستند إلى اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ويؤكد شويعر أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق جبهة البوليساريو، بل تشمل الدولة الجزائرية باعتبارها حاضنة وداعمة، مشدداً على أن الجبهة مجرد أداة بيد النظام الجزائري لاستهداف استقرار المغرب.
رغم التحديات المادية والقانونية، يواصل محمد مولود شويعر قيادة هذا المسار، بوصفه “صوت الضحايا الأمين”، مؤكداً أن معركة الذاكرة ضد النسيان ستستمر حتى تتحول شهاداتهم إلى وثائق قانونية تؤدي بالمتورطين إلى قاعات المحاكم الدولية. ويختم قائلاً: “لن نصمت، لن ننسى، وسنلاحقهم حتى تتحقق العدالة”.