تُعد التمور من المنتجات الزراعية التي تلعب دورًا كبيرًا في الاقتصاد المغربي، خاصة في المناطق الصحراوية مثل واحة زيز في الرشيدية، وواحة مراكش، وواحة السكورة، التي تُعد من بين أكبر وأهم واحات النخيل في إفريقيا.
ومع ذلك، فإن الوضع في قطاع التمور في المغرب لا يخلو من التحديات التي تجعله يحتل مرتبة متقدمة في استيراد التمور رغم وجود إمكانيات إنتاجية محلية كبيرة.
حسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، فإن المغرب كان في صدارة الدول العربية من حيث استيراد التمور في عام 2023، حيث بلغ إجمالي قيمة استيراده 241 مليون دولار.
وبذلك يتفوق المغرب على دول كالإمارات (215 مليون دولار) والكويت (36 مليون دولار) وعمان (29 مليون دولار).
هذا الرقم يشير إلى حجم الاستهلاك الكبير للتمور في المغرب، ويطرح تساؤلات حول سبب ارتفاع معدلات الاستيراد رغم أن المغرب ينتج التمور في عدة مناطق.
في المقابل، وعلى الرغم من الاستهلاك العالي، فإن المغرب لا يحتل مكانًا متقدمًا بين أكبر الدول المنتجة للتمور في العالم العربي.
وفقًا لتقرير “فاو” لعام 2023، فإن أكبر الدول العربية المنتجة للتمور هي مصر (1.86 مليون طن)، تليها السعودية (1.64 مليون طن)، و الجزائر (1.32 مليون طن).
أما المغرب، فإنه لا يتواجد في قائمة أكبر عشر دول منتجة للتمور، مما يطرح تساؤلات حول حجم الإنتاج المحلي مقارنة بالطلب.
في مناطق مثل واحة زيز في الرشيدية، تُزرع العديد من أصناف التمور المميزة مثل “المجهول” و”بوفكوس”، التي تشتهر بجودتها في الأسواق المغربية والدولية.
ومع ذلك ، تبقى القدرة الإنتاجية محدودة في بعض المناطق بسبب التغيرات المناخية والجفاف الذي يعاني منه المغرب، فضلاً عن تحديات في التكنولوجيا الزراعية التي تعوق تحسين الإنتاجية وزيادة حجم المحاصيل.
في مواجهة هذا التحدي، أعلنت الحكومة المغربية عن مبادرة “الجيل الأخضر”، التي تهدف إلى تحسين إنتاج التمور في المملكة من خلال تحسين تقنيات الزراعة وزيادة المساحات المزروعة. كما تهدف إلى تعزيز الأصناف المحلية لتمكينها من المنافسة في الأسواق العالمية وتلبية احتياجات السوق المحلي لكن دون أي نتيجة تذكر في غياب الرقابة .
رغم أن المغرب يتمتع بإمكانات كبيرة في إنتاج التمور، فإن هناك عدة عوامل تفسر ارتفاع الاستيراد. السوق المغربي يحتاج إلى تنوع في أنواع التمور، خصوصًا الأصناف الفاخرة مثل “المجهول” التي تُنتج بكميات ضخمة في دول مثل مصر والسعودية، والمغرب لا يمكنه تلبية هذا الطلب عبر الإنتاج المحلي فقط.
علاوة على ذلك، فإن بعض أنواع التمور المستوردة تكون أقل تكلفة أو تتمتع بجودة أعلى في بعض الأحيان، ما يجعلها أكثر جذبًا للمستهلكين المغاربة.
هناك أيضًا بعض الفترات التي يتزايد فيها الطلب على التمور بشكل غير متوقع، مما يجعل المغرب يعتمد على التمور المستوردة لتغطية هذا النقص.
بالنظر إلى التحديات التي يواجهها قطاع التمور في المغرب، يبقى المستقبل واعدًا إذا ما تم توجيه المزيد من الدعم لهذا القطاع. فإن تحسين جودة الإنتاج المحلي وزيادة المساحات المزروعة سيساعدان في تقليل الاعتماد على الاستيراد.
في الختام، يُظهر قطاع التمور في المغرب إمكانيات كبيرة من حيث الإنتاج والاستهلاك. ومع ذلك، فإن التحديات المتعلقة بتكنولوجيا الزراعة والمناخ وارتفاع الطلب على أصناف معينة من التمور تفرض على المغرب الاستمرار في استيراد كميات ضخمة لتلبية احتياجات السوق.
لذا، فإن تعزيز الإنتاج المحلي من التمور وتقليل الفجوة بين العرض والطلب يعتبران من الأولويات في المستقبل.