في تقرير حديث أصدرته مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، تم تسليط الضوء على الطموح المغربي المتزايد لتحويل وقود الطيران المستدام (SAF) إلى ركيزة صناعية واستراتيجية على المستوى الإقليمي، مستفيدًا من موارده المتجددة ورؤيته الطموحة لمستقبل النقل الجوي النظيف.
وأكد التقرير، الذي نقلته مجلة “أتالايار”، أن المغرب يمتلك مؤهلات استثنائية تؤهله للعب دور محوري في التحول البيئي لقطاع الطيران العالمي، في ظل الجهود الدولية المتسارعة لتقليص الانبعاثات الكربونية في هذا القطاع الحيوي. ومن بين هذه المؤهلات: وفرة مصادر الطاقة المتجددة، البنية التحتية الحديثة للمطارات، الموقع الجغرافي الاستراتيجي قرب أوروبا، والتزامه القوي بتطوير الهيدروجين الأخضر.
وفي هذا السياق، صرّح إميل ديتري، المدير العام والشريك في BCG، قائلاً: “الاستثمار في الوقود المستدام لن يساهم فقط في إزالة الكربون من قطاع النقل الجوي، بل سيدعم السيادة الطاقية للمغرب، ويعزز نموه الاقتصادي الأخضر، ويوفر فرص عمل نوعية في مجالات التكنولوجيا والصناعة”.
وأشار التقرير إلى مفارقة لافتة في قطاع الطيران، حيث أعربت 80% من الشركات عن ثقتها في تحقيق أهداف استخدام الوقود المستدام بحلول عام 2030، في حين أن 14% فقط تعتبر نفسها مستعدة فعليًا. كما نوّه إلى أن التزامات الاستثمار تظل غير متوازنة، إذ يُظهر المصنعون والمطورون حماسة كبيرة، بينما تتردد شركات الطيران والمطارات في المضي قدمًا بالوتيرة نفسها.
ويرى التقرير أن هذا التفاوت يُتيح فرصًا واعدة أمام الدول النامية والطموحة، مثل المغرب، لإنشاء منظومات داعمة تعتمد على الحوافز الضريبية، والتمويل الأخضر، والتحالفات الاستراتيجية، ما يجعلها وجهة جذابة لاستثمارات الوقود المستدام.
واختتمت BCG تقريرها بالتأكيد على أن اعتماد الوقود المستدام، رغم تكلفته المرتفعة حاليًا، سيصبح ضرورة لا محيد عنها في المستقبل القريب، وأن الدول التي تتبنى هذا التحول مبكرًا ستكسب مزايا تنافسية هامة. وفي هذا السياق، يبدو المغرب في موقع مثالي لتعزيز استقلاله الطاقي، وترسيخ صورته كدولة حديثة تلتزم بمسار الاستدامة البيئية والتقدم التكنولوجي.