*أبو وائل الريفي*
المغرب يواصل الانتصار، ولماذا تبحث الجزائر عن حرب مع المغرب، موعد الحلقة الأخيرة من مسلسل المحامي وفقيهته الحسناء وأشياء أخرى من نكسات الطابور
ماذا تريد الجزائر؟ هل تسعى الجزائر إلى الدخول في حرب مع المغرب؟ إنها الأسئلة التي يطرحها المتتبعون على ضوء الاستفزازات الجزائرية. انعقد، يوم الثلاثاء 9 مارس، اجتماع لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي على مستوى رؤساء الحكومات والدول، وعشية الاجتماع اتصل رئيس الجزائر مع رؤساء كينيا وجنوب إفريقيا على أمل أن يصدر مجلس الأمن والسلم قرارا مناهضا للمغرب الذي قاطع الاجتماع الذي لم يحضره إلا أربعة من 15 دولة لعدم موافقتها على توقيت الاجتماع، الذي حدد توقيته الجزائري اسماعيل شرقي ثلاثة أيام قبل انتهاء ولايته كمفوض لمجلس السلم والأمن.
أثارت المناورة الجزائرية غضب موسى فقي، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي الذي لم يتمالك أعصابه وفضح التجاوزات المسطرية والانتهاكات، لأن جدول الأعمال لا يمكن اعتماده إلا بعد مصادقة رئيس المفوضية الذي دعا إلى وقف المناورة الجزائرية.
الاجتماع الذي شارك فيه عبد المجيد تبون الذي كان يحلم بتحقيق نصر دبلوماسي على المغرب تحول إلى نكسة قاسية للدبلوماسية الجزائرية. وفي الأسبوع نفسه، تعرضت المخططات الجزائرية لانتكاسة أخرى عندما وافقت الفيفا في اجتماع الرباط بالإجماع على تعديل الفصل الرابع من نظامها الأساسي الذي يحصر عضوية الفيفا في الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، مما أقفل الباب نهائيا أمام جمهورية الوهم التي كانت تراهن الجزائر على قبول عضويتها في الفيفا، بدون أن ننسى انتخاب فوزي لقجع لعضوية المجلس التنفيذي للفيدرالية الدولية لكرة القدم وقرار السورينام بفتح قنصلية لبلادها في الداخلة.
الانتصارات الدبلوماسية للمغرب على المستوى القاري والدولي ليست إلا ترجمة لدينامية استثنائية للديبلوماسية المغربية التي يقودها منذ سنوات ابن الدار. رجل آت من المغرب العميق، نحث مساره في الصخر بكفاءته العالية، اختاره محمد السادس لإدارة الديبلوماسية المغربية بعد أن لمس فيه قدرة استثنائية على تدبير الملفات الاستراتيجية ومتابعتها بشكل يومي. لقد ولى الزمن الذي كانت فيه المناصب الديبلوماسية حكرا على عينة من الناس الآتين من علية القوم وكبار العائلات الذين لا تهمهم إلا الألقاب والمناصب، فإذا بها اليوم بين يدي المهنيين أبناء الدار الذين تدرجوا في المسؤولية، يصنعون اليوم النصر تلو النصر. فتحية لرجال ونساء الديبلوماسية المغربية الذين يعملون في صمت إيمانا بهذا المغرب الذي يصنع المعجزات من لا شيء وبأبسط الإمكانيات والوسائل في مواجهة ديبلوماسية معادية للمغرب، تستقوي بشراء الولاءات والمواقف بحقائب الدولار من زمن البترول والغاز.
بعض الكائنات كانت تراهن على صدور قرار لإدارة بايدن تتراجع فيه عن الاعتراف بمغربية الصحراء، والآن بعد مرور عدة أشهر على تحمل جو بايدن مسؤولية قيادة الولايات المتحدة الأمريكية وإعلان الإدارة الأمريكية عن تفاصيل سياستها الخارجية والأوراش الداخلية والخارجية، هل لازال الذين في قلوبهم شيء من حتى يتمنون انتكاسة لبلدهم؟ ولعلمهم فكل الغرف الخلفية ومطابخ صنع القرار في أمريكا تؤكد أن إدارة بايدن لن تتراجع عن قرار إدارة ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، وأن الإدارة الأمريكية ستنزل بكل ثقلها من أجل تعيين ممثل جديد للأمين العام للأمم المتحدة يتكلف بالملف وتسريع العودة للمفاوضات، وهو شيء لا يتناقض البتة مع مصالح المغرب الذي طرح منذ سنوات على الطاولة مبادرة الحكم الذاتي للأقاليم الجنوبية كسقف للمفاوضات، وعلى أساسه تم تعديل دستور المملكة عام 2011 الذي أقر الجهوية المتقدمة وعلى هذا الأساس يمكن قراءة مبادرة أمريكا بتخصيص 1.8 مليون جرعة من اللقاح هبة للجزائر الصيف المقبل، في الوقت الذي يواصل فيه المغرب ريادته على المستوى الإفريقي والمتوسطي في نجاح حملة التلقيح بشكل جعل أصواتا وازنة ترتفع في أكثر من بلد أوروبي تشيد بالنجاح المغربي وتعتبره نموذجا كان يجب أن تحتدي به دول متقدمة كفرنسا وإسبانيا وألمانيا.
نجاح المغرب لم يصنعه فقط توفر اللقاحات، بل ساهم فيه أساسا توفر المغرب على أطقم طبية وشبه طبية متمرسة منذ سنوات على حملات التلقيح وتعبئة الإدارة الترابية التي عبأت إمكانيات لوجستيكية ضخمة وفي مقدمتها قاعدة بيانات الساكنة التي تم من خلالها تدبير مواعيد التلقيح والتوزيع الجغرافي للساكنة على مراكز التلقيح على المستوى الوطني.
لقد كانت تجربة المغرب مثيرة للدهشة بعيدا عن المحسوبية والزبونية، من خلال إرسال رسالة نصية برقم البطاقة الوطنية للحصول فورا على الموعد ومركز التلقيح الأقرب إلى مقر السكن.
لقد استطاع المغرب أن يواجه جائحة كورونا باعتماد استراتيجية ناجحة من خلال تعبئة قطاع النسيج لصنع الكمامات وتصديرها وتعبئة المصانع لصنع قوارير الأوكسيجين والمشاركة في التجارب السريرية للقاح، والآن يتطلع لصنع اللقاحات في الوحدات التي أنتجت حبات دواء الكلوروكين الضرورية لمحاربة الفيروس.
لقد أثبتت التجربة أن النجاح ممكن وأن الإنسان المغربي قادر على خلق التميز وخلق فرص النجاح، لأن الكفاءات والسواعد التي أدار بها المغرب هذه المعركة هي كفاءات وسواعد مغربية.
هذا النجاح الذي يعيشه المغرب على المستوى الاستراتيجي هو الذي يقض مضجع الذين لا يريدون الخير للمغرب، عداء الجزائر للمملكة ليس جديدا، لكنها اليوم تسعى بعد أن تراكمت انتكاساتها إلى جر المغرب إلى حرب مباشرة بين البلدين. لم تكتف الجزائر بتسليح دعاة الانفصال في تيندوف ومدهم بكل الإمكانيات اللوجستيكية ردا على نصر ڭرڭارات، بل تكفلت الأسبوع الماضي بتدريب أربعين عنصرا من البوليساريو على استعمال طائرات مسيرة لاستعمالها ضد المغرب في العمل الاستخباراتي والعسكري.
وفي الوقت الذي اختار المغرب، الواثق من صلابة موقفه، ضبط النفس تواصل عناصر الجيش الجزائري الاستفزاز الذي وصل إلى مستوى “زنقوي” من خلال إطلاق الكلام البذيء عبر مكبرات الصوت والقيام بإشارات ذات إيحاءات زنقوية.
تراهن الجزائر هذه الأيام على افتعال نزاع حدودي في إقليم فڭيڭ الحدودي على مستوى بلدة العرجة حول أراضي فلاحية وتحريض المغاربة المتضررين على القيام باحتجاجات ضد السلطة المغربية، إنهم أهلنا والمغرب كفيل بهم، فهل نسي حكام الجزائر أنهم طردوا من قبل 35 ألف من أهلنا وكان المغرب أرحب بأهله؟
عندما يرفع الشارع الجزائري شعار دولة مدنية وليس عسكرية، يتصور عسكر شنقريحة أن افتعال حرب مع المغرب يعطيهم المشروعية للالتفاف على مطالب الشعب الجزائري الذي يواصل احتجاجه للجمعة 108 على التوالي.
إذا كان قدرنا أن نخوض حربا للدفاع عن أرضنا وشعبنا سنخوضها داخل حدودنا كما دافع عنها أجدادنا، لأن المغرب ليس دولة خلقها الاستعمار الفرنسي، بل أمة ضاربة في عمق التاريخ استطاعت أن تصمد في وجه المد الأجنبي على مر العصور ولازالت وستبقى عصية على التركيع.
هذا قدرنا، فليس في نية المغرب تغيير الجغرافيا! ولا خيار لنا إلا أن نصمد في حدودنا ونخوض معركتنا الحقيقية من أجل تنمية المغرب وبناء الإنسان المغربي الذي يبقى هو رأسمالنا الحقيقي والذي يجب أن نستثمر فيه من خلال تطوير منظومة التربية والتكوين اقتداء بالأمم التي نجحت في تطوير اقتصادياتها بعد أن استثمرت في الإنسان، ولا تتوفر على بترول ولا على غيره من الثروات الطبيعية.
إن الوضع الإقليمي والدولي الحالي لا يمكن إلا أن يكون في صالح المغرب لأن عقيدة العداء للمغرب واعتبار كل شرور الجزائر مصدرها المغرب وصلت ونخبتها السياسية الراعية إلى الطريق المسدود، ولا صوت اليوم يعلو فوق صوت الشعب الجزائري الذي اختار طريق السلمية للتعبير عن مطالبه وتطلعاته. أما المغرب فقد اختار طريقه بكل ثبات وسيواصل تحقيق انتصاراته لأن المغرب أصبح غير المغرب واختار بكل مسؤولية أن يطوي صفحة جوج وجوه في مواجهة حملة الجنسيات الأجنبية الذين لا يؤمنون بهذا البلد.
انتصارات المغرب في محيطه الإقليمي والدولي لم تكن كذلك ممكنة لولا الحزم في مواجهة أركان الطابور الخامس الذين ألفوا العبث بالمصالح العليا للمغرب والمتاجرة بقضاياه وتسمين أرصدتهم، والآن يتحرك حماتهم في كل الاتجاهات لكي يمتعوهم بالحصانة، فعن أي حصانة يتحدثون؟
نال المغرب استقلاله منذ 65 سنة ويمارس سيادته على كامل ترابه الوطني، ووحدها المؤسسات القضائية والوطنية المغربية تملك حق الولاية العامة على أرض المغرب.
المعطي منجب الذي اختار لنفسه وأخته الصمت في مواجهة الأسئلة المتعلقة بمصدر الأملاك التي اشتراها في اسمه واسم أخته، واختلاسه أموال المساعدات الواردة من الخارج وتحويلها إلى ممتلكات، يلعب الآن ورقة حمله للجنسية الفرنسية ونسي أن المعطي الذي قدم أمام محاكم المغرب هو المعطي ولد بن سليمان المغربي، والأموال التي تم الاستيلاء عليها هي أموال كانت مودعة في أبناك مغربية، وجزء منها تم تبييضه في عقارات بالمغرب ومع ذلك وضع أحد محاميه الفرنسيين شكاية لا تناقش موضوع المتابعة من الناحية القانونية بل تقدم تظلما مبنيا على اعتبارات سياسية مشفوعة بطلب إطلاق سراحه، وكأن القضاء الفرنسي مختص في طلبات السراح الخاصة بالمتابعين في المغرب بموجب القانون الجنائي المغربي.
قرار متابعة منجب في حالة اعتقال أو حالة سراح هو سلطة تقديرية لقاضي التحقيق أو قاضي الحكم، يمارسها في إطار القانون المغربي ولا دخل للسلطة الرئاسية القضائية في الموضوع لأنها تمارس فقط سلطة مراقبة سلامة الإجراءات المسطرية، أما السلطة السياسية الحكومية أو غيرها فلا سلطة لها خارج مسطرة العفو الذي يمارسه على سبيل الحصر الملك كرئيس للدولة بموجب الدستور.
منذ أيام تحرك بقايا الطابور للترويج لتدهور الحالة الصحية للمعطي منجب بعد 3 أيام من ثبوت خوضه للإضراب عن الطعام، الإضراب عن الطعام هو ممارسة لإرادة منفردة، المعطي هو الذي اختار أن يضرب عن الطعام وهو أعرف الناس بالمضاعفات الصحية لقراره ولا دخل لغيره في قراره. لقد ألف الإعلان عن الإضرابات عن الطعام وتناول الطعام بعيدا عن الأعين، لكن هذه المرة سحبت منه جميع المواد الغذائية حتى يتحمل مسؤولية قراره.
المعطي موجود في الاعتقال الاحتياطي بقرار من قاضي التحقيق بعد أن أحالته عليه النيابة العامة لابتدائية الرباط وهو معتقل في إطار القانون في سجن معلوم، يتصل بعائلته ويتخابر مع محامييه ولا يمنع من الكلام أمام قاضي التحقيق. المهم أنه لا يوجد في تازمامارت، بل في سجن العرجات ويتمتع بالضمانات التي يكفلها له القانون ولغيره من المغاربة والمتقاضين أمام المحاكم المغربية. إن الزمن غير الزمن ولا حصانة لأي كان خارج القانون.
يتصور الطوابرية أن تمتعهم بحماية هذه الدولة أو تلك تعطيهم الحق في استباحة كل المؤسسات، لكن الواقع هوما يروه اليوم وما سيرونه غدا.
لقد استطاع المغرب أن يفرض احترام الدول لاستقلال قراره الوطني كما يبين ذلك تصريح الناطق باسم الكي دورسيه حول قضية الفرنسي مسيو ماتي منجب بالتأكيد على أن فرنسا تتابع قضية مواطنها الفرنسي الذي يتابع بموجب مسطرة قضائية في المغرب وانتهى الكلام.
نفس الأمر يسري على قضية شفيق عمراني الذي يلزمه القانون الأمريكي بالخضوع لقوانين بلده الأصلي بعد أن اختار ازدواجية الجنسية يوم حصوله على الجنسية الأمريكية .
هناك من يتصور أن وجوده في الخارج أو استفادته من جنسية أجنبية سيعفيانه من المساءلة أمام محاكم المغرب.
رأيت قبل أيام ڤيديو وهيبة متيمة زيان وهي تقرأ رسالة محمد رضى باسمها إلى جهة سيادية مغربية، وأغرب ما استرعى انتباهي هو الاستعمال المكثف للآيات القرآنية في الرسالة. زيان الذي يذرف الدموع على سالف الأيام لم يجد غير الشيخ الوقور الذي تحمل زوجته دلائل احترامه للمرأة كإنسان لكي يلبس جبة الورع المهووس بحقوق النساء وفق الشريعة الإسلامية. فهل تسمح الشريعة الإسلامية لمسلمة متزوجة من مسلم مقيم خارج الديار أن تزني مع شخص يحمل صفة محامي نقيب يا حسرة.
هل تسمح الشريعة الإسلامية للفقيهة وهيبة المتعودة على داكشي أن تقضي الليالي الحمراء المؤثثة بالروحيات في الأماكن العامة بمعية الميسورين من القوم.
هل تتصور الفقيهة أن التعسف في استعمال الآيات القرآنية يكسبها مسحة ورع افتقدتها طوال العمر وتكسب روايتها مصداقية افتقدتها في كل مراحل التقاضي وتتصور أن تهريبها خارج التراب الوطني من طرف المحامي الكبير في العمر تجعلها بعيدة عن المساءلة. زيان زطط حتا راسو بقا ليه غير يولي زطاط الدمى وبائعات الدمى المعلومة.
ليس خافيا على أحد أن زيان أعياه الطواف بين اليوتوبرز ولم يجد غير بائعة الدمى ونصاب وإرهابي خردة يعيش أزمة هوية ويحاول أن يقدم نفسه كمعتقل سياسي بعد أن أجهض الأمن المغربي كل مخططاته الإرهابية، ويتصور نفسه اليوم أنه وازن في العلاقات المغربية الألمانية.
لقد فقد زعيم إرهاب الخردة عقله بعد أن كشف شركاؤه السابقون في الإرهاب والسجن حقيقته (عندما يتصارع السُرَّاق يظهر المسروق)، وهذا ما حصل لمحمد حاجب الذي عراه إخوانه السابقون في الجهاد وفضحوا كل أساليبه وإيمانه بالعنف.
فكيف لمن حاول قطع رأس حارس زنزانته على مذهب أهل داعش أن يدعي اليوم إيمانه بالديمقراطية بعد أن كَفَّرَ ألمانيا ولجأ إلى جبال وزيرستان تحت راية القاعدة، وفرض على زوجته الآتية من الحضارة الغربية أن تلبس البرقع الأفغاني في شوارع ألمانيا وتيفلت.
تتبدل الفصول والأعوام والمرجعيات والتلاوين، لكن الطابور الخامس واحد وخريف ما تبقى على الأبواب، ولنا أن نتساءل عن الحلقة الأخيرة من مسلسل الكوبل زيان ووهيبة حتى يعرف الرأي العام حقيقة محام من الزمن الغابر وموكلته الحسناء التي فقد وسيفقد من أجلها كل شيء.
هذه هي مأساة المغرب، ففي الوقت الذي يحقق المغرب الانتصار تلو الانتصار يتصور البعض أن ذاكرة المغاربة قصيرة وأنه يمكن للإرهابي أن يتحول إلى ديمقراطي وللنصاب أن يتحول إلى ضحية وللمختلس أن يتحول إلى بطل ولفتاة متعة أن تتحول إلى فقيهة وتجار اللذة إلى مناضلين.
الزمن بالمقلوب، لن ينتصر على حساب المغرب وعزة المغرب وتضحيات كل المؤمنين بطموحات المغرب وصلابة مؤسساته وصانعي انتصاراته في كل مكان.
وإلى بوح قادم