الحدث بريس : متابعة
دعا الملك محمد السادس، في خطاب، ألقاه مساء اليوم الخميس، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، إلى مزيد من الالتزام و التعبئة الجماعية، التي أبان عنها المغاربة، خاصة في المرحلة الأولى من مواجهة وباء كوفيد 19.
وقال الملك، بمناسبة ثورة الملك والشعب : “في مثل هذا اليوم من سنة 1953، اجتمعت إرادة جدنا ، جلالة الملك محمد الخامس ، ورفيقه في الكفا ح، والدنا جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراهما، مع إرادة الشعب المغربي، في ثورة تاريخية، على رفض مخططات الاستعمار، مشيرا إلى أن تاريخ المغرب حافل بهذه المواقف و الأحداث الخالدة، التي تشهد على التلاحم القوي بين العرش و الشعب، في مواجهة الصعاب”.
وذكر الملك محمد السادس، أن المغرب تمكن خلال هذه الفترة، بفضل تضافر جهود الجميع، من الحد من الانعكاسات الصحية لهذه الأزمة، و من تخفيف آثارها الاقتصادية والاجتماعية. مثمنا مجهودات الدولة بتقديم الدعم لفئات واسعة من المواطنين، عبر خطة طموحة و غير مسبوقة لإنعاش الاقتصاد، تبعها مشروع تعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة. داعيا إلى ضرورة تنزيل هذه المشاريع، على الوجه المطلوب، وفي الآجال المحددة.
ونبه الملك محمد السادس، إلى أن المغرب لم يكسب بعد، المعركة ضد الوباء، رغم الجهود المبذولة. معتبرا المرحلة، فترة صعبة و غير مسبوقة بالنسبة للجميع. مضيفا في ذات الخطاب :”كان يضرب بنا المثل، في احترام التدابير الوقائية التي اتخذناها، وفي النتائج الحسنة التي حققناها، خلال فترة الحجر الصحي. وهو ما جعلنا نعتز بما قمنا به، و خاصة من حيث انخفاض عدد الوفيات، و قلة نسبة المصابين، مقارنة بالعديد من الدول”.
ولفت الملك محمد السادس، إلى أنه مع رفع الحجر الصحي، تضاعف عدد المصابين بشكل غير منطقي، لأسباب عديدة. لوجود من يدعي بأن هذا الوباء غير موجود؛ من جهة ومن يعتقد بأن رفع الحجر الصحي يعني انتهاء المرض؛ بينما يتعامل عدد من المواطنين مع الوضع، بنوع من التهاون والتراخي غير المقبول. مؤكدا على أن هذا المرض موجود؛ و من يقول عكس ذلك، فهو لا يضر بنفسه فقط، و إنما يضر أيضا بعائلته وبالآخرين.
ونبه الملك، إلى أن بعض المرضى لا تظهر عليهم الأعراض، إلا بعد 10 أيام أو أكثر، إضافة إلى أن العديد من المصابين هم بدون أعراض. وهو ما يضاعف من خطر انتشار العدوى، و يتطلب الاحتياط أكثر. مشيرا إلى أن نسبة كبيرة من المواطنين لا يحترمون التدابير الصحية الوقائية، التي اتخذتها السلطات العمومية: كاستعمال الكمامات، و احترام التباعد الاجتماعي، و استعمال وسائل النظافة و التعقيم.
وأضاف الملك في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب :”لو كانت وسائل الوقاية غير موجودة في الأسواق، أو غالية الثمن، قد يمكن تفهم هذه التصرفات. و لكن الدولة حرصت على توفير هذه المواد بكثرة، و بأثمان جد معقولة. كما أن الدولة قامت بدعم ثمن الكمامات، و شجعت تصنيعها بالمغرب، لتكون في متناول الجميع”.
واعتبر الملك محمد السادس أن الأمر، يتعلق بسلوك غير وطني و لاتضامني. مشيرا إلى أن الوطنية تقتضي أولا، الحرص على صحة وسلامة الآخرين؛ ولأن التضامن لا يعني الدعم المادي فقط، وإنما هو قبل كل شيء، الالتزام بعدم نشر العدوى بين الناس. مضيفا أن هذا السلوك يسير ضد جهود الدولة، التي تمكنت و الحمد لله، من دعم العديد من الأسر التي فقدت مصدر رزقها، مشيرا إلى أن هذا الد عم لا يمكن أن يدوم إلى ما لانهاية، لأن الدولة أعطت أكثر مما لديها من وسائل و إمكانات.
ولفت الملك محمد السادس، إلى أنه بالموازاة مع تخفيف الحجر الصحي، تم اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية، قصد الحفاظ على سلامة المواطنين، والحد من انتشار الوباء. إلا أن الجميع تفاجئ من تزايد عدد الإصابات.
ونبه الملك، إلى أنه بعد رفع الحجر الصحي، تضاعف أكثر من ثلاث مرات، عدد الإصابات المؤكدة، والحالات الخطيرة، و عدد الوفيات، في وقت وجيز، مقارنة بفترة الحجر. مشيرا في خطابه إلى أن معدل الإصابات ضمن العاملين في القطاع الطبي، ارتفع من إصابة واحدة كل يوم، خلال فترة الحجر الصحي، ليصل مؤخرا، إلى عشر إصابات. مضيفا أن استمرار هذه الأعداد في الارتفاع، فإن اللجنة العلمية المختصة بوباء كوفيد 19، قد توصي بإعادة الحجر الصحي، بل وزيادة تشديده.
وحذر الملك من انعكاسات فرض حجر صحي جديد على المواطنين بالنظر إلى تأثيره على حياة المواطنين، وعلى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. مشيرا إلى أن غياب الالتزام الصارم و المسؤول بالتدابير الصحية، سيرفع عدد المصابين و الوفيات، و ستصبح المستشفيات غير قادرة على تحمل هذا الوباء، مهما كانت جهود السلطات العمومية، وقطاع الصحة.
وقال الملك : “إن خطابي لك اليوم، لا يعني المؤاخذة أو العتاب؛ و إنما هي طريقة مباشرة، للتعبير لك عن تخوفي، من استمرار ارتفاع عدد الإصابات والوفيات، لا قدر الله، و الرجوع إلى الحجر الصحي الشامل، بآثاره النفسية و الاجتماعية و الاقتصادية”.
ودعا الملك بالموازاة، مع الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية، كل القوى الوطنية، للتعبئة و اليقظة، و الانخراط في المجهود الوطني، في مجال التوعية و التحسيس وتأطير المجتمع، للتصدي لهذا الوباء. منبها إلى أنه بدون سلوك وطني مثالي و مسؤول، من طرف الجميع، لا يمكن الخروج من هذا الوضع، و لا رفع تحدي محاربة هذا الوباء.