سجل الاقتصاد المغربي خلال سنة 2024 أداءً لافتاً، بعدما أظهرت البيانات الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط أن الناتج الداخلي الإجمالي تجاوز للمرة الأولى عتبة 1.5 تريليون درهم، حيث بلغ 1.531 تريليون درهم، مقارنة بـ1.477 تريليون درهم في سنة 2023. هذا التطور يعكس دينامية إيجابية في المؤشرات الاقتصادية الكلية للمملكة، وسط ظرفية إقليمية ودولية معقدة.
ووفق مذكرة المندوبية حول “الوضعية الاقتصادية لسنة 2024″، فقد سُجل تحسن ملموس في المؤشرات المالية للدولة، لا سيما على مستوى التحكم في المديونية. فقد انخفض الدين العام للخزينة إلى 67.7% من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو المستوى الأفضل منذ سنة 2020، مقابل 70.1% بحسب التقديرات الأولية، ما يعزز ثقة الأسواق المالية والمستثمرين في صلابة التوازنات الماكرو اقتصادية.
كما تراجع عجز الميزانية إلى 3.8% من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو ما يُعد أقل من النسبة المستهدفة التي كانت محددة في 4%. هذا الانخفاض يعكس نجاعة التدبير المالي وتحسن الموارد الضريبية، إلى جانب سياسة التحكم في النفقات العمومية.
وعلى صعيد النمو، أظهرت الحسابات الوطنية ارتفاعاً في معدل النمو الاقتصادي إلى 3.8%، متجاوزاً التوقعات التي تراوحت ما بين 3.2% و3.3%. وقد ساهم في هذا الأداء القوي ارتفاع الطلب الداخلي، مدعوماً بانتعاش قطاعات حيوية مثل الصناعات الاستخراجية والبناء والأشغال العمومية، التي شكلت رافعة أساسية للحركية الاقتصادية خلال السنة الماضية.
وتؤكد هذه الأرقام أن الاقتصاد المغربي يسير في منحى تصاعدي، مدفوعاً بإصلاحات هيكلية وسياسات مالية أكثر انضباطاً، مما يفتح المجال أمام تحقيق أهداف التنمية واستقطاب المزيد من الاستثمارات في السنوات المقبلة، مع ضرورة مواصلة اليقظة في ظل التحديات العالمية المرتبطة بالتضخم، وتقلبات أسعار المواد الأولية، والتغيرات المناخية.