لضمان استمرارية الخدمات الصحية وحماية صحة المواطنين. اتخذت الوكالة القضائية للمملكة المغربية إجراءات حاسمة. من خلال الاعتماد على مقاربة شاملة وقائية ودفاعية. وذلك في مواجهة التحديات المطروحة على المنظومة الصحية جراء استقالات الأطباء من المستشفيات العمومية.
وأكدت الوكالة، ضمن مخططها الاستراتيجي 2024-2028 المعنون بـ”رؤية جديدة لتدبير منازعات الدولة والوقاية منها”. أن هذه المقاربة تهدف إلى المساهمة في الحد من خطورة إفراغ المرفق العمومي من الأطباء المتخصصين. وحماية الأمن الصحي للمواطنين من خلال تمكينهم من الرعاية الصحية المناسبة، باعتبارها حقا مكفولا لهم وقانونيا.
حسب مخطط الوكالة تسعى هذه المقاربة ، إلى المساهمة في ترشيد النفقات التي تتحملها الإدارة لتعويض الأطباء المستقيلين. وهو ما يشكل ضمانا لتحقيق حكامة رشيدة في تسيير أحد أهم المرافق الاجتماعية، ويعزز دور الدولة في ضمان التوازنات الاجتماعية.
كما أشارت الوكالة إلى أن التنصيص على الحق في العلاج والصحة أقرته أيضا المواثيق الدولية. واعتبرت أن التقصير في توفيره يعرض الدول للمساءلة القضائية والمحاسبة، باعتبارها ضامنة للحقوق. ولكون حياة الفرد وسلامته الجسدية وصحته تعتبر من القيم التي يحميها القانون.
وأوضحت الوكالة القضائية ايضا أن الإدارة وجدت نفسها أمام إشكالية عميقة تتمثل في تزايد حالات الاستقالة لدى الأطباء الموظفين في قطاع الصحة، الذين يفضلون العمل في القطاع الخاص، خاصة في محور “الرباط – الدار البيضاء – القنيطرة”.
وسجلت أن هذا الوضع هدد التوازن الواجب الحفاظ عليه في ضمان الخدمات الصحية العمومية بين مختلف مناطق المغرب، ولا سيما في المناطق المعزولة التي تكاد تكون فيها الخدمات الصحية العمومية هي الوحيدة المتاحة في هذا المجال. وإذا كانت المقتضيات القانونية العامة التي تحكم طلب الاستقالة، وكذلك الاجتهادات القضائية التي جاءت لتنزيلها. تقر بسلطة الإدارة التقديرية في الاستجابة لهذا الطلب أو رفضه بناء على دواعي المصلحة العامة. وحسب قول الوكالة : “فإن استقالة الأطباء الاختصاصيين طرحت إشكالات خاصة نظرا لوجود نص خاص يؤطرها”,
وأيضا أشارت إلى وجود نص خاص يمنح الطبيب الحق في المطالبة بالاستقالة بشكل مطلق، دون إمكانية رفضها من طرف الإدارة حتى لدواعي المصلحة العامة. بشرط التزام الطبيب بإرجاع المبالغ التي صرفت عليه أثناء فترة التكوين، واعتبرت الوكالة القضائية أن هذا التوجه يشكل خروجا عن المبدأ العام الذي يمنح الإدارة سلطة تقديرية في قبول طلب الاستقالة أو رفضه، وفقاً لضرورات المصلحة العامة التي تتطلب ضمان حق المواطنين في الصحة.
وأكدت أن إلزام الإدارة بقبول طلب الاستقالة بغض النظر عن ظروفها وإكراهاتها، يتعارض مع مبادئ أساسية. أهمها ضرورة ضمان سير المرافق العامة بانتظام واستمرار. بالإضافة إلى تعارض هذا التوجه مع مسؤولية الدولة في الحفاظ على الأمن الصحي للمواطنين المغربي، “بالموازاة مع تأمين الدفاع عن قرارات الإدارة القاضية برفض طلب الاستقالة. ومحاولة إقناع القضاء بمشروعية تلك القرارات، كان من الضروري تبني مقاربة تهدف إلى تعديل الفصل 32 مكرر من المرسوم رقم 2.91.527. الذي اعتبره القضاء نصاً خاصا يمنح الحق في الاستقالة دون النظر في إمكانية رفضها من طرف الإدارة. شريطة إرجاع المبالغ المصروفة على تكوين الطبيب إذا كان قد أخل بالالتزام بالعمل لمدة 8 سنوات”.
وقد ساهمت الوكالة القضائية للمملكة، مع جميع القطاعات الوزارية المعنية في تعديل هذه المادة. حيث توجت هذه الجهود في تأمين الدفاع بصدور قرارات متواترة لمحكمة النقض. تضمن حق الإدارة في رفض طلب الاستقالة إذا كان من شأن ذلك المساس باستمرارية أداء الخدمات الطبية للمواطنين.
وقالت الوكالة إن هذه القرارات كرست ما تناوله الدفاع من كون الحق في الاستقالة. الذي يتقدم به العاملون في القطاع الصحي، يتقاطع مع حق الوطن في تأمين صحة المواطنين. مؤكدا أن قبول الاستقالة دون مراعاة ذلك وبشكل تلقائي فيه مساس بالأمن الصحي لساكنة المنطقة المعنية.