الحدث بريس ـ متابعة
يقترن الإحتفاء باليوم الوطني للمجتمع المدني (13 مارس) هذه السنة، بالوقوف عند إسهامات الفاعلين المدنيين في التصدي لجائحة (كوفيد-19)، ومدى اضطلاعهم بالدور الإقتراحي المنوط بهم وفقا لدستور 2011، لاسيما مشاركتهم في الهيئات الإستشارية، وفي بلورة النموذج التنموي الجديد.
وتميزت حصيلة سنة 2020، أساسا، بالمساهمة الهامة لجمعيات المجتمع المدني في دعم الأسر التي طالتها تداعيات الجائحة، من خلال تقديم المؤن الغذائية والقيام بحملات تحسيسية للوقاية من تفشي الفيروس.
إلى جانب ذلك، طرح الفاعلون المدنيون تصوراتهم بخصوص قضايا التنمية في إطار لقاءات اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، وكذا مشاركتهم في مختلف الهيئات الإستشارية التي تم إحداثها تبعا لقوانين تنظيم الجماعات الترابية، سعيا منهم لتقوية آليات الديموقراطية التشاركية، والتعاون مع الفاعلين في شتى المجالات.
والملاحظ أنه بالرغم من أن الأزمة الصحية طغت على المشهد، ساحبة البساط من تحت أرجل القضايا الجمعوية العالقة، إلا أن واقع المجتمع المدني لا يرتفع، حيث يظل إسهام معظم الجمعيات المسجلة قانونيا، والتي يناهز عددها 200 ألف، محتشما، بالنظر إلى الغبش الذي لحق تصور بعض المشاركين في هذا الفعل، وكذا لاتخاذ البعض هذه الهيئات مطية لبلوغ مآرب خاصة.
وفي هذا الصدد، اعتبر الفاعل الجمعوي، خالد وخشي، أن جمعيات المجتمع المدني أصبحت – بعد دستور سنة 2011- فاعلا أساسيا على المستوى الترابي، يساهم في بلورة، وتنفيذ، وتقييم السياسات العمومية في مختلف القطاعات والمجالات، مؤكدا أنه يتعن على الفاعلين الجمعويين استيعاب هذه الأدوار وفهمها، ثم تفعيلها وتطوير آليات ممارستها في الواقع.
وأوضح السيد وخشي، أن فاعلية المجتمع المدني تعد أحد المؤشرات الجديدة للتنمية التي أصبحت تعتمدها مؤسسات الأمم المتحدة منذ مؤتمر سنة 1990.
وأشار الفاعل الجمعوي إلى أنه يمكن تقييم تجربة جمعيات المجتمع المدني خلال المرحلة الأخيرة اعتبارا لمسألتين أساسيتين؛ ترتبط الأولى بالإنجازات التي حققتها الجمعيات على المستوى المحلي في سياق الدينامية التي حققتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، منذ انطلاقها سنة 2005 إلى غاية الإعلان عن مرحلتها الثالثة سنة 2018.
وترتبط المسألة الثانية، بحسب الفاعل الجمعوي، بمشاركة جمعيات المجتمع المدني في مختلف الهيئات الإستشارية التي تم إحداثها بعد دخول قوانين تنظيم الجماعات الترابية حيز التنفيذ بعد سنة 2015، مشيرا إلى أن هذه القوانين “ألزمت المجالس المنتخبة بإحداث هيئات استشارية يشارك من خلالها المجتمع المدني في تتبع السياسات العمومية على المستوى الترابي؛ محليا، وإقليميا وجهويا.. في اطار (الديمقراطية التشاركية)”.
وأضاف السيد وخشي أن التحديات التي تواجه الفعل الجمعوي تتمثل، أساسا، في التمويل وتعبئة الموارد المالية، وإكراهات التكوين، وكذا استقلالية قرار الجمعيات وتمايزها عن رهانات الفاعل السياسي، لافتا إلى أن هاته التحديات يمكن تجاوزها من خلال تأهيل الجمعيات وتقوية قدراتها التدبيرية، مما يجعلها قادرة على تعبئة موارد جديدة لتمويل أنشطتها ومشاريعها التنموية.
كما شدد على أهمية التشبيك الجمعوي باعتباره آلية فعالة وناجعة لتجاوز هذه الإكراهات والتحديات، وكذا على ضرورة تحقيق الإلتقائية بين مختلف المتدخلين على المستوى الترابي، من جمعيات المجتمع المدني، والجماعات الترابية، والمؤسسات العمومية والقطاعات الحكومية، وغيرها.
وقد تم إيلاء أهمية خاصة لمكانة المجتمع المدني، حيث نص البرنامج الحكومي 2017-2021 على دعم التنظيمات الجمعوية وتطوير الموارد المالية المتاحة لها، وتطوير الشراكات العمومية التي تروم الولوج العادل والشفاف للتمويل العمومي، فضلا عن ملاءمة النص القانوني المتعلق بتأسيس الجمعيات مع مقتضيات الدستور.
كما اتخذت الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني عدة تدابير تتعلق بتمكين الجمعيات من الجانب المعرفي والقانوني والمادي، وكذا تعزيز منظومة الشراكة بين الدولة والجمعيات، وتثمين العمل الجمعوي.
وتخلد الوزارة هذه المناسبة في سنة 2021 تحت شعار “مساهمة المجتمع المدني في التصدي لجائحة كورونا”، تثمينا للجهود الطوعية لجمعيات المجتمع المدني في مواجهة الجائحة، حيث ستبث فقرات على مواقع التواصل الاجتماعي يوم 13 مارس، تتضمن كلمة لوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان بهذه المناسبة، وتقريرا حول مساهمة المجتمع المدني للتصدي لجائحة كوفيد-19، فضلا عن الإطلاق الرسمي لمنصة تكوين الجمعيات عن بعد.
وفضلا عن ذلك، ستنظم الوزارة ندوة وطنية تحت عنوان “مساهمة المجتمع المدني في تدبير جائحة كوفید-19″، يؤطرها عدد من الأساتذة والفاعلين المدنيين يوم 17 مارس عبر مواقع التواصل الإجتماعي للوزارة.
وقد بات خفوت صوت الشباب في الفعل الجمعوي يطرح علامات استفهام كبرى، على اعتبار أن الجمعيات باتت تعتبر أحد روافد التأطير والتنشئة الإجتماعية، وذلك راجع بالأساس إلى ضعف تأثير المجتمع المدني في تدبير الشأن العام.
ويستلزم إدماج الشباب في مسار التنمية العمل على كسب ثقتهم، وذلك عن طريق إبراز قدراتهم وتأهيل الفاعلين الجمعويين قصد الاستفادة من الطاقات الإبداعية للشباب الطامح إلى الرقي بمحيطه القريب ووطنه ككل.