بعد خسائر هائلة تكبدتها في 2020، بدأت مجمعات النفط الكبرى مسار الصعود بفضل تحسن أسعار الذهب الأسود وتخفيف بعض الدول القيود المفروضة لمكافحة وباء كوفيد-19 ما سمح بتحسن النشاط الاقتصادي.
واستفادت أسعار النفط من هذا الانتعاش إذ بلغ متوسط سعر برميل برنت نفط بحر الشمال في الربع الأول من العام 61,1 دولارا مقابل 50,1 دولارا في الفترة نفسها من العام السابق و44,2 دولارا في الربع الأخير من 2020.
وهذا ما سمح للمجموعات النفطية الكبرى بتحقيق أرباح كبيرة، من الأميركيتين “إكسون موبيل” التي بلغت أرباحها 2,7 مليار دولار بين كانون الثاني/يناير وآذار/مارس، إلى “شيفرون” (1,38 مليار دولار) والإيطالية “إيني” (856 مليون يورو)، حسب نتائج أدائها التي نشرت خلال الأسبوع الجاري.
والأمر نفسه ينطبق على المجموعة الأوروبية النفطية العملاقة الأخرى مثل “بريتيش بتروليوم” (4,7 مليارات دولار) أو شل (5,7 مليارات دولار) وتوتال (3,3 مليار دولار).
ونجم هذا التحسن عن ارتفاع اسعار النفط وكذلك خفض التكاليف في بعض الأحيان عبر عمليات تسريح جماعي للعمال وانخفاض حاد في الاستثمارات.
وقال ستيوارت غليكمان الخبير في قطاع النفط في مكتب “سي اف ار آ” إن كل هذه الشركات “تتنفس الصعداء على الأرجح في مواجهة انعكاس مسار الأسعار في السوق التي لا سيطرة فعليةلهم عليها”.
وكانت أكبر خمس مجموعات خاصة في العالم (بريتش بتروليوم وشيفرون وإكسون موبيل وشل وتوتال) تكبدت خسائر صافية بلغت 77 مليار دولار العام الماضي.
قال دارين وودز رئيس مجلس إدارة “إكسون موبيل” في مؤتمر عبر الهاتف “طوال هذه الفترة لم نبتعد إطلاقا عن الأساسيات الطويلة الأمد لأعمالنا”.
وأضاف “كنا نعلم أن الاقتصادات ستتعافى وأن السكان ومستويات المعيشة ستستمر في النمو، الأمر الذي سيؤدي في النهاية إلى الطلب على منتجاتنا وانتعاش القطاع”.
مع ذلك بدت “إيني” حذرة في توقعاتها للأشهر المقبلة إذ إنها تعتقد أن “إعادة التوازن إلى سوق النفط العالمية واستئناف استهلاك الوقود في 2021 يخضعان لمخاطر ما زالت قائمة مرتبطة بتأثير وباء كوفيد-19 على عدد من الاقتصادات العالمية الكبرى”.
وفي كل الأحوال، سمحت القفزة في أسعار النفط والغاز الطبيعي ل”إكسون موبيل” و”شيفرون” بالتعويض عن الصعوبات في التكرير ونشاط تحويل المنتجات الخام إلى بنزين أو ديزل أو كيروسين.
وقالت “إكسون موبيل” التي أنفقت مبالغ كبيرة في هذا المجال في آخر أربعة فصول إن الهوامش “ما زالت أقل من معدلها في السنوات العشر الماضية بسبب العرض المفرط والمستويات المرتفعة للمخزونات”.
وتعاني شركة شيفرون أيضا من الأمر نفسه. فعائدات أنشطتها التكريرية بلغت خمسة ملايين دولار في الربع الأول مقارنة بـ1,1 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2020.
وخسرت المجموعتان الأميركيتان أموالا بسبب موجة البرد التي ضربت جنوب الولايات المتحدة في فبراير وعرقلت استخراج النفط والغاز ونشاط المصافي الواقعة على طول سواحل خليج المكسيك لأيام.
وقال غليكمان إن إكسون موبيل وشيفرون لم تخططا بعد لزيادة إنفاقهما الاستثماري بقوة “ربما لإعطاء الوقت لخفض ديونهما”.
وتبدو المجموعات الأميركية الكبرى متخلفة عن ركب نظيراتها الأوروبية في استثماراتها في الطاقات المتجددة.
وأشار غليكمان إلى أن “إكسون موبيل تقول بشكل أساسي إنها تفضل، لمحاربة تغير المناخ، التركيز على الأنشطة المرتبطة بأعمالها الأساسية” مثل احتجاز الكربون.
وأضاف “تحت ضغط مستثمرين ناشطين (في مكافحة تغير المناخ)، تحاول المجموعات أن توضح بشكل أفضل قليلا ما تفعله في الأسواق”.