تمر خمسون سنة على نزاع ساهمت في صنعه مخابر العسكر الجزائري، الذي زرع شوكة اسمها “بوليساريو” في خاصرة المغرب.
واليوم، يجني هذا النظام نتائج عقلية التآمر التي طغت على فكره. حيث أصبحت “بوليساريو” التي تربت تحت كنف النظام الجزائري. قوة مدمرة في المنطقة المغاربية، وتمثل تحدياً داخلياً للنظام الذي كان يراهن عليها.
كانت “بوليساريو” ورقة سياسية يستخدمها النظام الجزائري في معاركه ضد المغرب. ولكنها أصبحت الآن عاملاً لتدمير نفسها بعد أن ظهرت مؤشرات على قرب نهايتها.
في الأيام الأخيرة، شهدت مخيمات تندوف مواجهات دامية بين ميليشيات “بوليساريو” والجيش الجزائري، في مشهد يعكس عمق الخلافات بين الطرفين.
هذه المواجهات المسلحة تأتي نتيجة الخلافات داخل التنظيم حول تجارة المخدرات التي يتحكم فيها بعض القادة في المخيمات.
لم تعد “بوليساريو” مجرد مجموعة متمردة ضد الأنظمة، بل تحولت إلى تهديد للنظام الجزائري نفسه، خاصة بعد أن أصبح الأخير يرى فيها مصدر خطر إذا خرجت عن سيطرته. النظام الجزائري، الذي يسيطر على الأمور من خلال مكتب التنسيق العسكري بتندوف، يسعى إلى منع أي تغيير في قيادة “بوليساريو”، مستعدًا لضبط مجريات الأمور في المخيمات وفقاً لمصالحه.
تضاف إلى هذا الاحتقان العسكري في تندوف موجة من الاحتجاجات العارمة في صفوف الصحراويين المدنيين، عقب الاعتداءات العنيفة التي تعرضت لها عدد من الطالبات الصحراويات من قبل السلطات الجزائرية.
هذه الاعتداءات، التي أسفرت عن إصابات خطيرة، أدت إلى موجة من الغضب والاستنكار في صفوف الصحراويين في المخيمات. وبالرغم من أن المجتمع الدولي قد دعا إلى التدخل لحماية هؤلاء الضحايا، فإن الوضع لا يزال يتفاقم.
اليوم، نجد أن “بوليساريو” تحولت إلى قوة متمردة على النظام الجزائري الذي سلحها ودعمها. وهي الآن تتعامل مع الواقع المرير في المخيمات حيث تعيش بين قبضة العصابات المسلحة وظلم السلطات الجزائرية. في هذا السياق، فإن الوضع يبدو غير قابل للاستمرار، ويعكس تحولاً دراماتيكياً في النزاع، الذي بات يشهد تدهورًا داخليًا في صفوف “بوليساريو” ومواجهات مع من كانوا حلفاء لها.