أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه تعزيز إنتاج الطاقة الكهربائية من الفحم في الولايات المتحدة، وذلك بهدف تقليص التفوق الاقتصادي الذي تتمتع به الصين، خاصة في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. عبر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، وجه ترامب إدارته لبدء استخدام “الفحم الجميل والنظيف” في توليد الكهرباء، وهو ما يثير الكثير من التساؤلات حول الجدوى البيئية والاقتصادية لهذا التوجه في وقت تتزايد فيه المخاوف بشأن تأثيرات الطاقة التقليدية على البيئة.
تأتي هذه الخطوة في وقت حساس حيث يسعى الرئيس الأمريكي إلى تقوية قدرة الولايات المتحدة في مواجهة الصين التي أصبحت قوة اقتصادية عالمية بفضل استثمارات ضخمة في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا، والطاقة. وفي ظل المنافسة المحتدمة بين الدولتين على الهيمنة في هذه المجالات، يسعى ترامب إلى رفع القدرة التنافسية الأمريكية عبر تحسين إنتاج الطاقة، الذي يعد أحد العوامل الأساسية في دعم الصناعات الثقيلة والتكنولوجية مثل مراكز البيانات، التي تستهلك كميات ضخمة من الكهرباء.
وبالرغم من أن الفحم يشكل نحو 15% فقط من توليد الكهرباء في الولايات المتحدة، وهو انخفاض حاد عن نسبة أكثر من 50% في عام 2000، فإن ترامب يأمل في إعادة إحياء صناعة الفحم عبر استخدامه بشكل مكثف في توليد الطاقة. ويبدو أن الولايات المتحدة قد بدأت تعاني من تحديات في هذا المجال بسبب ظهور بدائل أرخص وأكثر كفاءة، مثل الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة من الشمس والرياح، إلى جانب اللوائح البيئية المشددة التي أضعفت قدرة الفحم على المنافسة.
النظر إلى هذه الخطوة من منظور بيئي يحمل الكثير من القلق. فالفحم يعد من المصادر الرئيسية لانبعاثات غازات الدفيئة، مما يهدد بزيادة التلوث وتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه ترامب تحديات مالية في إعادة تشغيل محطات الطاقة العاملة بالفحم التي أغلقت بسبب عدم الجدوى الاقتصادية. ومع أن بعض الإدارات الحكومية الأمريكية تسعى إلى إحياء هذه المحطات، إلا أن التكاليف البيئية والاقتصادية قد تفوق الفوائد المحتملة.
وفي الوقت ذاته، تُظهر الصين تفوقًا ملحوظًا في استخدام الفحم لتغذية صناعاتها الحيوية، مثل تصنيع الألواح الشمسية والرقائق الإلكترونية. وهذا يساهم بشكل كبير في تعزيز النمو الاقتصادي والقدرة التنافسية للصين في أسواق التكنولوجيا العالمية. بينما تسعى الولايات المتحدة للحاق بركب هذه الثورة التكنولوجية، يظهر جليًا أن التوجه نحو زيادة استخدام الفحم قد يكون خطوة غير متوافقة مع التوجهات العالمية التي تسعى إلى التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة.
بينما يواصل ترامب الضغط من أجل تعزيز الصناعات الأمريكية لمواجهة التحديات العالمية، فإن استراتيجيته في الاعتماد على الفحم قد تخلق معضلة اقتصادية وبيئية جديدة. فالتحديات التي يواجهها العالم في وقتنا الحاضر تتطلب حلولاً مبتكرة ومتوازنة بين تحقيق النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة. ويبدو أن الخيار الأفضل هو الاستثمار في الطاقة النظيفة والابتكار التكنولوجي الذي يدعم تحقيق التنمية المستدامة بعيدًا عن التلوث الناتج عن استخدام الفحم.