شهدت الحدود المتوترة بين الهند وباكستان تصعيدًا عسكريًا هو الأعنف منذ سنوات، حيث تبادلت القوتان النوويتان القصف المدفعي والصاروخي ليل الثلاثاء إلى الأربعاء، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 34 مدنيًا من الجانبين، إلى جانب عشرات الجرحى، وسط قلق دولي متزايد من انفجار الوضع بشكل يهدد أمن جنوب آسيا برمته.
وبدأت سلسلة المواجهات بعد أن شنت الهند ضربات وصفتها بـ”المدروسة والمسؤولة” على أراضٍ باكستانية، ردًا على هجوم دموي في منطقة باهالغام أودى بحياة 25 مواطنًا هنديًا ومواطن نيبالي. وأعلنت المتحدثة باسم الجيش الهندي، فيوميكا سينغ، أن الضربات الهندية “دمرت تسعة معسكرات إرهابية بنجاح”، مشددة على أن الأهداف كانت محددة بدقة لتجنب المساس بالمدنيين أو بالبنية التحتية.
غير أن الجانب الباكستاني أفاد بسقوط 26 قتيلاً على الأقل و46 جريحًا، نتيجة ضربات صاروخية استهدفت ست مدن في إقليمي كشمير والبنجاب، بالإضافة إلى أضرار لحقت بسد نيلوم-جيلوم الكهرومائي، حسب ما أعلنه المتحدث باسم الجيش الباكستاني، الجنرال أحمد شودري.
وفي المقابل، أكدت السلطات الهندية مقتل ثمانية مدنيين وجرح 29 آخرين في قرية بونش الحدودية في جامو وكشمير، مما يرفع حصيلة القتلى إلى 34 شخصًا، في وقت لا تزال فيه المواجهات على الأرض تنذر بتطورات أكثر دموية.
هذا التصعيد أثار ردود فعل دولية عاجلة تدعو إلى التهدئة وضبط النفس، حيث أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “قلقه الشديد”، محذرًا من أن “العالم لا يستطيع تحمل مواجهة عسكرية” بين قوتين نوويتين بهذا الحجم. كما دعا إلى “أقصى درجات ضبط النفس العسكري” وفتح قنوات الحوار.
من جهته، عبّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن أمله في “نهاية قريبة” لهذا التصعيد، فيما أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي أن وزير الخارجية ماركو روبيو أجرى اتصالات مع الطرفين لحثهما على استئناف الحوار واحتواء الوضع.
كما انضمت روسيا إلى نداءات التهدئة، معربة عن “انشغالها العميق” بتدهور الوضع، داعية إلى حل النزاع بالوسائل السلمية والدبلوماسية.
وأبدت بريطانيا استعدادها للتدخل من أجل خفض التصعيد، في حين أعلنت الصين استعدادها للعب “دور بناء” في جهود الوساطة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت دقيق تمر به المنطقة، وسط صراعات سياسية وتوترات قومية، ما يزيد من أهمية التحرك الدولي العاجل لتفادي انزلاق خطير قد تكون له تبعات كارثية على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي.